منذ أيام، «تفيض» باحة قسم الطوارئ في مُستشفى السان جورج (الحدث) المُخصّص لاستقبال مرضى «كورونا» بـ«الزوّار». كراسٍ بلاستيكية استحالت أسرّة مؤقتة لمصابين كثر، فيما الفريق الطبي يُقسّم مناوباته في معاينة المرضى بين المقيمين داخل المُستشفى وخارجه. ويؤكد مدير المُستشفى حسن عليق لـ«الأخبار» أن الطاقم الطبي يقدم خدماته لعشرات المرضى داخل سيارات الإسعاف لعدم توافر أماكن لهم حتى في قسم الطوارئ بعدما بلغ المُستشفى الذي يضم 80 سريراً طاقته الاستيعابية القصوى.ومعلوم أن الضغط على هذا المُستشفى، إلى جانب مُستشفى رفيق الحريري الحكومي وعدد محدود جداً من المُستشفيات الموزعة في منطقتي بيروت وجبل لبنان، حيث تُسجّل النسب الأعلى من الإصابات يومياً، يعود إلى امتناع كثير من المُستشفيات الخاصة عن التعاون في مواجهة أكبر الأزمات الصحية في تاريخ البلد. قبل يومين، سألت وزارة الصحة في بيان: «هل يُعقل أن 67 مُستشفى خاصاً لم تؤمّن سوى 73 سريراً خلال 10 أشهر من مواجهة الوباء؟»، ونشرت لائحة بأسماء المُستشفيات التي تخلّفت عن فتح أقسام خاصة بمرضى الفيروس، وأخرى اكتفت بعدد محدود من أسرّة العناية الفائقة، فيما كان «أضعف الإيمان» أن تعمد المُستشفيات إلى تجهيز أقسام تحتوي على عدد «منطقي» من الأسرّة، على ما قال رئيس مصلحة المُستشفيات في وزارة الصحة جهاد مكوك لـ«الأخبار»، لافتاً إلى أن هناك مُستشفيات لديها إمكانيات كبيرة لرفع عدد أسرّتها، «لكنها تتخلّف عن ذلك»، في مقابل مُستشفيات لبّت النداء رغم إمكاناتها البسيطة، «وسنأخذ هذا الأداء في الاعتبار عند تقييمنا لمؤشرات أداء المُستشفيات لاحقاً».
ومعلوم أيضاً أن المُستشفيات الخاصة مارست على مدى أشهر «ابتزازاً» مقابل تعهدها برفع جهوزيتها، فبعدما ضمنت رفع تسعيرة كلفة المريض وحسبت كلفة ساعة الأوكسيجين لمريض كورونا، فإنها هي بالكاد تلبي نداء الطوارئ الناجم عن «مجزرة مرتقبة»، بحسب عضو اللجنة الوزارية المخصصة لمكافحة كورونا مازن بو درغم. وهو توقّع وصول عدد الإصابات إلى أربعة آلاف يومياً في الأيام المُقبلة، استناداً الى الأرقام التي سجلت قبل فترة الأعياد.
نحو إقفال «صارم» مع الاستعانة بالجيش والقوى الأمنية


وأعلنت وزارة الصحة أمس، تسجيل 2870 إصابة جديدة جميعها من المُقيمين، من أصل نحو 20 ألف فحص، وعشر وفيات (إجمالي الضحايا 1486). هذه الأرقام رفعت عدد حالات الاستشفاء إلى 1182 (461 منها في غرف العناية الفائقة و138 موصولة الى أجهزة التنفس).
وما يفاقم الوضع الحرج، هو «النقص الكبير في الكادر الطبي»، وفق مكوك، لافتاً إلى تأثير هجرة الكثير من الأطباء والممرضين على «الجيش الأبيض الذي بات منهكاً».
أمام هذه المعطيات، يعود الخيار إلى الإقفال التام للبلاد كوسيلة شبه وحيدة للنجاة قبل وصول اللقاح منتصف شباط المُقبل. وبحسب بو درغم، فإنّ المجلس الأعلى للدفاع بصدد الإعلان، اليوم، عن إقفال البلاد لثلاثة أسابيع على الأقل بدءاً من يوم الأربعاء أو الخميس المُقبلين «على أن يكون الإقفال جدياً وصارماً هذه المرة ويطال مختلف المؤسسات باستثناء الصيدليات ومراكز السوبر ماركت فقط»، مُشيراً إلى أن اللجنة أوصت بمنع التجول إلا خلال ساعات محدودة، «على أن تكون مدة الإقفال قابلة للتمديد لثلاثة أسابيع أخرى بعدما حلّت الكارثة بسبب غياب حس المسؤولية لدى كثيرين»، مشيراً الى أن «المطلوب هذه المرة الاستعانة بالجيش ومختلف القوى الأمنية». وقال إن محادثات تجرى مع وزارة الشؤون الاجتماعية لصرف مساعدات للأسر التي يعمل أربابها كمياومين.



أين المُستشفيات الميدانية؟
وفق رئيس مصلحة المُستشفيات في وزارة الصحة، جهاد مكوك، فإنّ المُستشفيات الميدانية الحالية لا يمكن الاستفادة منها من دون تأمين بنى تحتية لها ومن دون تجهيز العوامل اللوجستية المفترضة، كإدارة نفاياتها الطبية مثلاً وغيرها، «لذلك عمدنا إلى الاستفادة من التجارب التي نفذت في الخارج وقررنا التفاوض مع عدد من المُستشفيات لإلحاق المستشفيات الميدانية بها، على أن تتولى إدارة الملف الاستشفائي المتكامل لها بما فيها تأمين الكوادر البشرية. فنحن بحاجة إلى أطباء وممرضين متمرسين للقيام بهذه المهام التي يتطلبها العمل في المُستشفيات الميدانية، وهو أمر نعاني من نقص كبير فيه».
وفيما لفت مكوك إلى الاتفاق مع المُستشفى اللبناني الإيطالي لوضع المُستشفى الميداني في صور إلى جانبه، أشار إلى أن المفاوضات لا تزال جارية في ما خص تنفيذ المُستشفى في منطقة طرابلس.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا