كهرباء 24 على 24. بالنسبة إلى كل سكان لبنان هذا ليس سوى حلم بني على مجموعة كبيرة من الوعود الكاذبة. لكن بالنسبة إلى سكان مدينة زحلة و16 قرية مجاورة، تلك حقيقة مطلقة. ولذلك، تحديداً، هم على استعداد لـ«الثورة» ضد من يسعى أو يريد أن يحرمهم هذه النعمة. تستفيد شركة كهرباء زحلة من هذا الواقع لمواجهة أي تحفّظ أو اعتراض على وجود مؤسسة تستفيد من البنية التحتية للدولة لتعزيز أرباحها. وعليه، لم يجد نواب المنطقة أن من واجبهم قبل الحماسة لتمديد العقد التشغيلي لكهرباء زحلة، السؤال عما إذا نُفّذت بنوده أم لا. فضّلوا التأكيد على أولوية التمديد لكهرباء زحلة بعدما انتهت مدة العقد الموقّع معها منذ سنتين، بالاعتماد على القانون الذي أُقر في نهاية تشرين الثاني 2018.قبل ذلك الحين، كان الامتياز قد فرض أمراً واقعاً، فكان القرار باستكماله في إطار قانوني مختلف. لكنّ القانون لم يُنفّذ، إلا بالشق المتعلق بتمديد الأمر الواقع.
سنتان، ظنّ المشرّع، أو هكذا أوحى، أنهما ستكونان كافيتيْن لإنجاز خطة كهرباء شاملة تساوي بين كل اللبنانيين. مرّت السنتان وقبل أيام من انتهاء مدة العقد، تنبّه إلى أنه لا بد من التمديد. لكنّ أحداً لم يتنبه إلى أن كهرباء لبنان لم تتسلّم الامتياز بشكل رسمي، بل تُرك الأمر للفوضى. فالعقد يأخذ في الاعتبار تشغيل التجهيزات التي يملكها الامتياز أو التي يستأجرها، وهو ما ينطبق على الشبكة وخطوط التوزيع ومحطات التحويل وقطع الغيار والخرائط… لكنه لا ينطبق على المولدات التي تشغلها كهرباء زحلة، لأنها ليست جزءاً من الامتياز، كما يؤكد المدير العام السابق للاستثمار غسان بيضون. لذلك، لم يتم تسلّم الامتياز وفق الأصول، ولا تم التعاقد مع شركة التشغيل. فحتى تاريخ انتهاء العقد لم يُوقّع بشكل رسمي، بسبب عدم تصديقه من قبل وزارة المالية. ولذلك، يأتي التمديد ليحل تلك الإشكالية، فينص على أن «يُعتبر العقد المتفق عليه بين كهرباء زحلة وكهرباء لبنان نافذاً من تاريخ 1/1/2019 لغاية 31/12/2022».
«النصف تعاقد» ضمن استمرار العمل، من دون أن يحدّد ما لـ«كهرباء لبنان» وما عليها، وما لـ«كهرباء زحلة» وما عليها. وهذا الإشكال مرجّح للاستمرار سنتين جديدتين، في ظل عدم تغيّر الواقع، رغم أن اقتراح القانون الجديد ينص على وجوب «استكمال إجراءات استرداد الامتياز والعمل على إصدار مرسوم التحويل وفق الأصول المرعية الإجراء على أن تلحظ فيه أحكام تُعالج أوضاع أُجراء امتياز زحلة».
كهرباء زحلة: تمّ تركيب 10 آلاف عدّاد والعمل سيُستكمل


كذلك ينص اقتراح القانون على وجوب إعداد مؤسسة كهرباء لبنان لدفتر شروط وإطلاق مناقصة عمومية لتقديم الخدمات الكهربائية ضمن نطاق امتياز زحلة السابق وتوقيع العقد مع الجهة التي ترسو عليها الصفقة.
تلك التسوية التي توصّل إليها النواب في لجنة الأشغال العامة، جمعت بين اقتراح تكتل لبنان القوي، الذي كان يشير إلى تمديد سنة واحدة، يتم خلالها إطلاق المناقصة، وبين اقتراح نواب كتلتَي المستقبل والقوات الذي يقضي بتمديد العقد لمدة سنتين. التسوية انطلقت من استحالة الانتهاء من إجراء المناقصة خلال عام واحد.
وبالتمديد المتوقّع في الجلسة العامة يوم الإثنين، يكون قد تكرّس المخرج الذي تم التوصل إليه منذ سنتين، بهدف الإبقاء على المزايا التي حصلت عليها «شركة كهرباء زحلة»، بحيث ستستمر بشراء الطاقة من كهرباء لبنان، وتغطية الفارق من خلال مولّدات خاصة تستعمل البنية التحتية العامة (كابلات وأعمدة، ومحطات…). الأمر الواقع هذا سعى النائب ميشال ضاهر إلى توسيعه، من خلال ضمّ كل قرى قضاء زحلة إلى الامتياز إلا أن الاقتراح لم يمر.
العقد الموقّع مع كهرباء زحلة كان يتضمن إلزام الشركة بفصل العدّادات لدى المشتركين، بحيث يتم بوضوح التمييز بين الكهرباء التي يحصل عليها المشترك من كهرباء لبنان وبين تلك التي يحصل عليها من مولدات كهرباء زحلة (60 ميغاواط). إذ أن العدّاد الواحد كان يخفي حقيقة تفاصيل الاستهلاك، بحيث تُحتسب التعرفة بحسب ساعات التقنين لا بحسب الاستهلاك الفعلي للمشتركين. فإذا تبين أن «كهرباء الدولة» وصلت إلى المشتركين بمعدل 60 في المئة من إجمالي الـ24 ساعة، فإن الفاتورة تُحتسب رأساً على أساس 60 في المئة بحسب تعرفة الدولة و40 في المئة بحسب تعرفة المولّدات، بالرغم من أن المشترك قد يكون استهلك كمية أكبر من الكهرباء المدعومة (كهرباء لبنان) في مقابل تقليصه الاستهلاك عبر المولّدات. ولذلك كان الاتفاق على أن يُصار إلى فصل العدّادات، لتتم معرفة حجم الاستهلاك بدقة. لكن بالنتيجة، مرّت سنتان من دون أن تُركّب هذه العدّادات. مصدر في كهرباء لبنان يؤكد أن تركيب عدّادات لـ٧٠ ألف مشترك لا يمكن أن يتم خلال سنتين، لكنّ المصدر، بنتيجة التطورات التي حصلت، ولا سيما في سعر الصرف، يشكّك في إمكانية استكمال المشروع. وهو ما ينكره مدير كهرباء زحلة ناجي جريصاتي، مؤكداً أن المشروع سيستمر خلال السنتين المقبلتين. كما يوضّح أن للتأخير في إنجاز المشروع أسباباً عديدة، منها: كهرباء لبنان لم توافق على العدّاد قبل تشرين الأول الماضي، ثورة تشرين، والارتفاع الكبير لسعر الدولار. لكن مع ذلك يؤكد أن عمليات التركيب لم تتوقّف، مشيراً إلى أنه تمّ، حتى اليوم، تركيب عشرة آلاف عدّاد.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا