لن يمر استحقاق انتخابات رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، هذا الشهر، باهتاً، كما كانت حال الدورات الانتخابية خلال العقد الأخير، عندما قضى تكريس «التفاهمات» بين القوى الحزبية على أي حيوية نقابية. هذه المرة، لم يعزف بعض الأساتذة عن الترشح على خلفية أن «الكلية مقفلة»، ولا مجال لخرق تحالف الأحزاب، بل حضر الصوت المعارض للمنظومة السياسية والطائفية في كليات وفروع كثيرة. البعض بنى في ترشحه على انتفاضة 17 تشرين، وآخرون بدوا متفلتين من أحزابهم، فيما برز حضور لمجموعة «جامعيون مستقلون من أجل الوطن» التي تأسّست منذ أكثر من شهرين «بهدف إعلاء الصوت النقابي المعارض غير الحزبي للدفاع عن مصلحة الجامعة وليس مصلحة الأساتذة المالية فحسب»، على ما تقول عضو المجموعة، الأستاذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية عزة سليمان. لا لوائح جاهزة للمجموعة حتى الآن، ولا سيما في المرحلة الأولى من الاستحقاق، أي انتخابات مجلس المندوبين التي تجري غداً، لكن «دعمنا أساتذة مستقلين وآخرين انتفضوا على أحزابهم».لا تخفي سليمان أن هناك نقاشاً داخل المجموعة عن معنى الاستقلالية، ولا سيما بعد انضمام مرشحين حزبيين إلى المجموعة، إلاّ أنها تقول إنّ «المبدأ هو التفكير المستقل تجاه الجامعة، وأن لا يكون لدى الأستاذ تبعية مالية لحزبه»، مشيرة إلى «أننا نلاقي طلاب الجامعات في معركتهم الحالية في وجه أحزاب السلطة».
في المقابل، حرص ممثلو الأحزاب على التأكيد أن الإعداد للاستحقاق يجري في أجواء «توافقية» ومريحة وغير متشنّجة أو صدامية، وتحصل «تفاهمات» بحسب ظروف كل كلية، و«بكير بعد لنحكي بالهيئة التنفيذية ورئاسة الرابطة» التي تجري عادة بعد 20 يوماً. يذكر أن الرئاسة ستوكل هذه المرة إلى المسلمين بفعل مبدأ المداورة المطبّق في الرابطة. وبدا لافتاً التركيز على التزكية وانسحابات المرشحين بفعل الترغيب والترهيب، علماً بأنه فاز حتى الآن نحو 85 مندوباً بالتزكية من أصل 159. ومن بين الفائزين بالتزكية نحو 20 مندوباً ترشحوا في مواجهة الأحزاب، بحسب مجموعة «جامعيون مستقلون من أجل الوطن».
في العقد الأخير، قضى تكريس «التفاهمات» الحزبية على أي حيوية نقابية


ثمة خيار ثالث يراهن على التصويت لطرحه ومشروعه وأدائه النقابي منذ أن دخل الجامعة وليس لاستقلاليته، كما هي حال الأستاذة في كلية العلوم، وفاء نون، التي ترشحت، بصورة منفردة، إلى مجلس مندوبي الرابطة «من أجل تصويب العمل النقابي باتجاه التشاركية وتحويل الجامعة إلى قضية رأي عام». نون أكدت أن الممثلين النقابيين «معنيون بإحياء النسيج الجامعي المكون من الأساتذة والطلاب والموظفين وانخراطهم في الشأن العام، ومطالبون بتحديد دور الأستاذ الجامعي ودور الجامعة ورؤيتها في الواقع الراهن، وبأن تقارب ملفاتها من باب أنها قضايا الجامعة وليست حقوق أفراد فحسب، ومنها مثلاً التفرغ والملاك وحقوق الطلاب التي يجب أن تهم كل الجامعة ولا تخص الفئة المستفيدة بشكل مباشر فقط». كما «يجب أن يكون صوت الأستاذ فاعلاً في كل ما يقرر في الجامعة على الصعد الأكاديمية والإدارية والمالية، أي أن يكون مشاركاً في صنع القرار في الجامعة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا