بحسب التقديرات، فإن من بين كل مليون مُقيم في لبنان، أكثر من 15 ألفاً و622 شخصاً يصابون بعدوى «كورونا»، ونحو 121 شخصاً يموتون جرّاء إصابتهم بالفيروس. وإذا ما اعتمد معيار الوفيات من بين كل مُقيم، يتبيّن أن معدلات الوفيات التي يُسجلها لبنان أعلى من تلك التي يسجلها عدد كبير من البلدان، بما فيها تلك التي تسبقه في إجمالي الإصابات. فعلى سبيل المثال، يبلغ معدّل الوفيات في اليابان التي تسبق لبنان بأربع مراتب لجهة عدد الإصابات (تحتل اليابان المرتبة الـ 51 عالمياً بأكثر من 118 ألف إصابة، فيما يحل لبنان في المرتبة الـ 55 بأكثر من 108 آلاف إصابة)، 15 في المليون. أما قطر التي تحتل المرتبة الـ 45 (أكثر من 136 ألف إصابة) فيبلغ معدل الوفيات 84 في المليون.تقارير غرفة العمليات الوطنية وأرقام وزارة الصحة تفيد بأن نسبة الوفيات في لبنان تبلغ 0.77% من إجمالي الإصابات، فيما تبلغ هذه النسبة في العالم 2.41%، ما دفع كثيرين إلى اعتبار هذه الوقائع «دليل عافية»، ويُبنى عليها لطمأنة المُقيمين، علماً بأن اعتماد المقارنة نفسها توضح أن نسبة الشفاء في لبنان تبلغ 57.6%، مقارنةً مع 69.56% عالمياً. فكيف تُقرأ هذه النسب؟ وما هو التقييم الفعلي لمعدلات الوفيات «التي سترتفع في الأيام المُقبلة» بحسب أكثر من مسؤول معني بهذا الملف؟
عضو اللجنة الوطنية للأمراض المُعدية عبد الرحمن البزري أوضح لـ«الأخبار» أن هناك معدّلين للوفيات، أحدهما يعود إلى نسبة الوفيات مقارنةً مع عدد المُصابين وهو «منسجم مع الترند العالمي ويميل نحو المعدلات المنخفضة»، فيما الثاني يقارن نسبة الوفيات بعدد المُقيمين «وهو يميل الى المعدلات المرتفعة».
البزري لفت الى أن الرسوم البيانية الأخيرة للأرقام تُبيّن ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الوفيات كل 14 يوماً، «ويعود هذا بشكل رئيسي إلى ارتفاع عدد المُصابين»، مشيراً إلى تسجيل وفيات في أعمار «متنوعة ومختلفة».
في المُقابل، فإنّ عدّاد الشفاء لا يزال يتّسم ببطء بحسب متخصصين أكدوا أن سرعة انتشار الفيروس والارتفاع الكبير في الإصابات من شأنهما أن يبقيا على إجمالي الإصابات مرتفعاً.
ووفق أرقام وزارة الصحة العامة، فإن نحو 982 حالة شفاء سُجلت خلال الساعات الـ 24 الماضية، وقد سُجّلت 1507 إصابات جديدة (11 منها وافدة) من بين أكثر من 14470 فحصاً، و12 وفاة (إجمالي الوفيات 839).
في غضون ذلك، يفترض أن تبدأ نتائج الإقفال التام بالظهور بدءاً من الغد بحسب ما أعلن وزير الصحة حمد حسن سابقاً، فيما تتعزّز المخاوف من «ترنّح» الإجراءات الصارمة التي وعدت بها وزارة الداخلية، مع دعوات من أصحاب عدد من المصالح لموظفيهم لمزاولة أعمالهم «سرّاً» اليوم. وعليه، إن لم تتخذ إجراءات لفرملة هذا «التمرّد»، فإنّ هذا السلوك سيُعمّم على بقية القطاعات، الأمر الذي سيحوّل الإقفال شكلياً، شأنه شأن الإقفالات الموضعية التي أُعلن عنها سابقاً، علماً بأن مؤشرات التمرّد برزت منذ يومين، مع تسجيل مخالفات جماعية لإجراءات حظر التجول ليلاً.
نسبة الوفيات في لبنان 121 في المليون مقابل 15 في المليون في اليابان التي تسجّل إصابات أعلى


إلا أن تصريح وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، أمس، بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي، يوحي بعدم حاجة أصحاب المصالح إلى استئناف أعمالهم «سراً»، مع «تبرّعه» بإعادة النظر في الإقفال العام يوم الجمعة «واتخاذ قرار بإعادة فتح بعض المصالح».
المُفارقة أن فهمي قال «لنشوف أرقام الإصابات»، رابطاً إعادة النظر بالإقفال بانخفاض الإصابات، وهي مُقارنة يصعب فهمها. فأي تأثير سيحدثه الإقفال التام لأربعة أيام في بلاد يصل فيها عدد المُصابين الفعليين الى عتبة الـ 45 ألفاً؟ وهل تملك وزارة الداخلية صلاحية اتخاذ قرار بإعادة النظر بالإقفال والتفرّد في قضية صحية حرجة؟ علماً بأن اتفاقاً ضمنياً كان قد جرى بين مختلف الوزارات المعنية يقضي بتعهّد الوزراء المختصين بعدم منح استثناءات نتيجة حساسية الوضع. فهل يعدّ تصريح فهمي «انقلاباً» بسبب الضغوط التي يمارسها التجار؟ وماذا عن مصالح ذوي الدخل المتوسط والمحدود الذين اضطرّوا إلى ملازمة بيوتهم من دون تلقّيهم أي دعم من أجل تجنّب الموت بالفيروس؟ الأكيد، أن صنّاع القرار وحدهم المطالبون بوضع خطة متكاملة ترضي الجميع والكفّ عن اتخاذ إجراءات مجتزأة واستثنائية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا