يجد طلاب كلية الطب في الجامعة اللبنانية أنفسهم بين فكَّي كماشة في كل مرة تكون فيها إدارة الكلية هي نفسها إدارة المستشفى الخاص الذي يتابعون تدريباتهم فيه. في هذه الحالة، يصعب عليهم الاعتراض لدى جامعتهم عما يتعرضون له في المستشفى من «إذلال وعدم تقدير لجهودهم»، كما تقول مصادرهم.هذا الشهر، فوجئ نحو 75 طبيب اختصاص مقيماً في المستشفى اللبناني - الجعيتاوي، بحسومات مالية من رواتبهم راوحت بين 50 و95 %، علماً بأن الرواتب زهيدة في الأصل وتفتقد للحدّ الأدنى من تأمين احتياجاتهم اليومية.
الطلاب يقرّون بأنّ المستشفى تضرر من انفجار 4 آب في مرفأ بيروت، أي بعد يوم واحد من بدء التدريب، والدوام لم يكن كاملاً طيلة هذا الشهر (قسم العمليات عاد بعد أسبوعين)، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن تنخفض مستحقاتهم الشهرية التي تراوح بين مليون و800 ألف ليرة ومليون و200 ألف إلى 120 ألف ليرة أو 38 ألفاً، أي ما يوازي بدل ليلة واحدة على أبعد تقدير!
أكثر من ذلك، لم تتردّد إدارة المستشفى، وفق المصادر، في أن تحسم من الراتب - كما في بداية كل تدريب - بدل إعارة ثوب طبي (75 ألف ليرة لبنانية) يعاد إلى المستشفى في نهاية التدريب، وبدل موقف للسيارات لم يستخدمه هؤلاء لكونه تحول إلى مستشفى ميداني، وبدل تأمين، «وكان من الأجدى أن نُعفى من هذه المبالغ في الحد الأدنى»، بحسب أحد الطلاب.
الأطباء المقيمون لم يفهموا المعايير التي على أساسها احتُسبت المستحقات لهذا الشهر، خصوصاً أنّ عدد الساعات المنفذة يفوق بكثير، بحسب المصادر، البدلات المعطاة، وقد تخلل الشهرين الأخيرين الكثير من المناوبات الشاقة، في ظل تغيّب الأطباء المتمرنين وعدم حضورهم إلى الدوام اليومي لأسباب «توفيرية» أيضاً. علماً أن أطباء الاختصاص لم يتوانوا عن تقديم الخدمات الطبية الأساسية للجرحى والمصابين طوال ليلة الانفجار.
أحد الأطباء تقاضى 38 ألف ليرة راتباً شهرياً لقاء عمله في المستشفى!


بالنسبة إلى الطلاب، المسألة ليست مادية فحسب، إنما الأمر مبدئي لجهة أن أحداً من إدارة المستشفى لم يقدم توضيحاً حول أسباب إعطاء هذه الرواتب «المُذلّة»، وأي حالة اعتراض للأطباء تواجَه باستخدام الإدارة والمستشفيات لنغمة التهديد المتكرّرة «stage invalid» (التدريب غير صالح)، وبالتالي التلويح بالرسوب، أو عدم السماح بمتابعة اختصاص معين.
تذكر المصادر الطالبية أن مجموع رواتب أطباء الاختصاص المقيمين لا يتجاوز 15 ألف دولار بحسب سعر صرف الدولار في السوق لكونهم يقبضون بالليرة، علماً بأنّ المستشفى تلقى مساعدات كبيرة بالدولار الأميركي.
عميد كلية الطب المدير العام لمستشفى جعيتاوي، بيار يارد، أشار في اتصال مع «الأخبار» إلى أن المستشفى أقفل لمدة شهر بفعل الانفجار، ومع ذلك «سنعود إلى إدارة الموارد البشرية للوقوف على تفاصيل ما حصل بالضبط، ولماذا هذه الرواتب»، واعداً بأن «كلّ ذي حق سيأخذ حقه».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا