رغم أنّ أعمال المسح الميداني للمدارس المتضررة من انفجار مرفأ بيروت لم تنتهِ بعد، لم يكن مفهوماً لماذا نشر المركز التربوي للبحوث والإنماء خريطة بالمدارس الرسمية والخاصة الواقعة في المناطق المتضررة بالانفجار، وعددها 673، و«إيهام» الرأي العام بأنها «مدارس متضررة»، أو هذا على الأقل ما فهمه الكثيرون. فيما أحصت وزارة التربية، حتى الآن، 75 مدرسة رسمية متضررة فقط، وأوردت - في خريطة أخرى - أسماء هذه المدارس والرقم التربوي لكل منها، وأعلن المكتب الإقليمي لليونسكو أن الانفجار ألحق دماراً جزئياً أو شاملاً بـ 70 مدرسة رسمية و50 مدرسة خاصة فحسب.تزدحم الأسئلة بشأن غياب التكامل في العمل بين الوزارة والمركز التربوي، وعن الهدف من خريطة المركز وخلفيات تضخيم العدد فيها، وما إذا كانت لذلك علاقة بالمساعدات التي سيحصل عليها القطاع التربوي من الجهات المانحة.
رئيسة المركز ندى عويجان لفتت إلى أن «هناك جهات تطلب منا معلومات عن المدارس المتضررة وقد أعددنا جداول تتضمن: الاسم، المحافظة، القضاء، قطاع التعليم، الرقم التربوي للمدرسة، رقم الهاتف، البريد الإلكتروني، عدد التلامذة، البلدة، الحي، الشارع، اسم المدير...». مثل هذه اللوائح توفر، بحسب عويجان، «داتا للراغبين في دعم المدارس بالتعاون مع الوزارة».
وأقرت عويجان بأنّ فريقها لم يزر المدارس الرسمية والخاصة ولم يجرِ مسحاً ميدانياً للتأكد من أن ضرراً لحق بهذه المدرسة أو تلك، بل استعان بمشروع الخريطة المدرسية الذي كان أجراه قبل الانفجار! وأوضحت أن الخريطة التي نُشرت على موقع المركز تتضمن توزيعاً جغرافياً للمدارس الواقعة في المناطق الأكثر تضرراً بالانفجار والمحددة من كيلومتر واحد وحتى 7.6 كيلومترات (410 مدارس)، وفي المناطق الأقل تضرراً الممتدة من 7.6 كيلومترات وحتى 12.6 كيلومتراً (263 مدرسة). الهدف الأساس من الخريطة، كما قالت عويجان، «تقديم صورة أولية لأعداد المدارس وتوزيعها في المناطق المتضررة»، مشيرة إلى أن المرحلة الثانية ستتم بالتنسيق مع وزارة التربية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الترميم والبناء، حيث «سيجري كشف ميداني على المدارس لتحديد حجم الأضرار وكلفتها في كل مدرسة». وأضافت: «صحيح أن بعض المدارس تضرر بفعل الانفجار، لكن هناك مدارس بعيدة عن مكان الانفجار وفي مناطق نائية وليس لديها أدنى مقوّمات التعليم، وهذه يجب أن لا ننساها. كما أن من بين المدارس الواقعة في مناطق الانفجار مدارس مقفلة وقد تكون متضررة ويجب التنبه إلى هذا الأمر».
وبدا لافتاً أن تضع عويجان، وهي تتولّى مسؤولية رسمية، ترميم المدارس وبناءها في الدرجة الثانية من الأهمية، وأن تعطي الأولوية في مساندة العام الدراسي المقبل لتوفير المقوّمات الأساسية للتعلّم عن بعد، سائلة: «أين نحن من الموارد التربوية الرقمية، والإنترنت والكهرباء والكثير من الحاجات الأساسية لهذا التعلم؟»، مشيرة إلى أن «مثل هذه المقوّمات يمكن تأمينها في وقت أسرع من الترميم، من أجل مساعدة المعلم والتلميذ لدخول آمن إلى العام الدراسي وتوفير العدالة وتكافؤ الفرص وتدريب الأساتذة والأهل والتلامذة». اللافت أكثر كان دعوة رئيس المركز التربوي إلى «دعم المدارس الخاصة التي تشكل غنى للبنان، ولا سيما أن مدارس كثيرة أقفلت وأخرى في طريقها إلى الإقفال».
وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب اكتفى بالقول إنّ «الأرقام المعلنة غير صحيحة وسيصدُر تقرير علمي بشأن المدارس المتضررة الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أن الوزارة هي المسؤولة عن إحصاء المدارس وليس المركز التربوي. وأكد «أننا لن نسمح بأي هدر»، على أن يتحدث لاحقاً عما سيجري في الوزارة والمركز.
عويجان: ترميم المدارس المتضررة سيتم بالتنسيق مع وزارة التربية


وكان مدير المكتب الإقليمي لليونسكو حمد بن سيف الهمامي قد اجتمع غداة الانفجار بوزير التربية وكشف، في بيان، أن تضرر المدارس يهدد بتعطيل العام الدراسي لـ55 ألف تلميذ لبناني وغير لبناني، وأن اليونسكو ستتكفل بإعادة تأهيل المدارس المتضررة بالتنسيق مع الشركاء التربويين والجهات المانحة، كما ستوفر نوعين من الدعم: وصول جميع الطلاب إلى التعليم من خلال أجهزة إلكترونية وموارد تعليمية رقمية لجميع الطلاب، وضمان جودة التعليم عن بعد من خلال تقديم الدعم التقني والفني لواضعِي السياسات التربوية ومطوّري المناهج والمعلمين لتطوير برامج التعليم عن بعد».
السؤال: كيف سيكون شكل المساعدات من الجهات المانحة وهل ستذهب الأموال مباشرة إلى وزارة التربية أم إلى المركز التربوي بالنظر إلى أن مؤتمر المانحين أعلن أن المساعدات ستذهب إلى الناس وليس إلى الحكومة، ومن يحدد الأولويات في دعم القطاع التربوي؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا