صحيح أن متابعة المسار الوبائي لجائحة كورونا أصبح «ترفاً» في البلاد المشغولة بالكوارث، إلّا أن المُستجدات تنذر بتفاقم الأزمة بفعل مواصلة انتشار الفيروس محلياً.أمس، أعلنت وزارة الصحة العامة عن 295 إصابة جديدة (290 مُقيماً وخمسة وافدين) وهو الرقم الأعلى الذي يُسجّل منذ اندلاع الوباء في 21 شباط الماضي، فيما يتوقع أن يتضخّم الرقم في الأيام المُقبلة مع غياب التدابير والإجراءات الصارمة لمكافحته، فضلاً عن ظروف الاختلاط والفوضى التي خلفها انفجار المرفأ.
هذه الأرقام ترافقت مع ارتفاع في تسجيل أربع وفيات ليرتفع إجمالي ضحايا الفيروس إلى 80 شخصاً. علماً أن عداد الوفيات بقي ثابتاً قبل ثلاثة أسابيع لأيام طويلة عند الرقم 40، ما يعني تضاعف عدد الوفيات خلال أقل من شهر، وهو ما يعكس خطورة الوضع والتوجه نحو «مُصيبة كبرى» على ما قال وزير الصحة حمد حسن، أمس، قبيل جلسة مجلس الوزراء.
ولفت حسن إلى أنه تواصل مع وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي وقائد الجيش العماد جوزف عون لعزل بعض الأقضية بسبب ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا باستثناء العاصمة، مُشيراً إلى أنه طرح قبل أسبوع عزل بعض المناطق «ولكن تم أخذ الموضوع في السياسة إلى مكان آخر». وأضاف: «على اللبنانيين أن يعرفوا أن موضوع كورونا ليس مزحة ونحن مهددون في خضم الغبار والضباب في الأشهر المُقبلة بمصيبة كبرى».
وبفعل مواصلة ارتفاع العداد، وصل عدد المُصابين الحاليين في لبنان إلى 4442، يُقيم منهم في المُستشفيات 187 شخصاً (37 منهم حالتهم حرجة)، ما يعني أن نحو 96% من المُصابين يُقيمون في «أماكنهم الخاصة». ولئن كان هذا الواقع «طبيعياً» نسبةً لغياب القدرة اللوجستية على استيعاب أعداد أكبر في المُستشفيات واقتصار الأمر على الحالات الأكثر حاجة نظراً الى الواقع الإستشفائي والصحي، لكنّه يطرح تساؤلات بشأن فعالية العزل الذي يمارسه المُصابون لدرء خطر العدوى عن محيطهم.
ومن بين الإصابات الجديدة، ثلاث حالات سُجلت في القطاع الصحي ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 306 منذ شباط الماضي، وهو مؤشر الى حجم الخطورة التي يعكسها مسار الوباء في ظلّ شبه انهيار للقطاع الصحي والإستشفائي.
في هذا الوقت، يبقى الرهان على المُساعدات الطبية التي تلقاها لبنان على خلفية إنفجار المرفأ والتي تتضمّن مُستشفيات ميدانية سيتم تخصيص جزء منها لمرضى كورونا.
وبحسب رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون، فإنّ المُساعدات لم تصل إلى المُستشفيات بعد، متوقعاً ذلك الأسبوع الجاري، ولافتاً إلى أن النقابة تتواصل مع قيادة الجيش بوصفه الجهة التي تقوم باستلام المُساعدات ووزارة الصحة من أجل التنسيق ووضح لوائح باحتياجات كل مُستشفى وفق معايير محددة.
هذه المُساعدات، ورغم أهميتها، «لن تسدّ النقص الكبير في قطاع المُستلزمات الطبية»، وفق مصادر نقابة مُستوردي المُستلزمات واصفةً الوضع بـ«الكارثي. إذ أن المُستشفيات كانت قد استنفدت مخزونها المحدود أصلا بفعل الأزمة الإقتصادية، وزاد الوضع سوءا تدمير المخزون المستورد الذي كان لا يزال في المرفأ، ما ولّد نقصاً يصعب سدّه عبر مساعدات قد لا تتطابق وكامل احتياجات السوق».