لم يكد النائب شامل روكز يترجّل من موكبه للانضمام الى الموجودين في ساحة الشهداء، حتى طُرد من الساحة صارخين في وجهه: «استقيل». استقالة روكز ليست مشكلته الوحيدة مع جزء من المجموعات والمنتفضين، بل هو خطابه الذي تغيّر نسبياً منذ مدة، فصار أكثر تعاطفاً مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ويطالب بتحييده من منطلق أنه «جيد ولكن مَن هم حوله سيّئون». ذلك من جهة، أما طرد العسكريين المتقاعدين معه، فجرى على خلفية ما جرى يوم أول من أمس في وزارة الخارجية. ففجأة، ومن دون التنسيق مع أي مجموعة سوى مجموعتَي «سبعة» و«أنا خط أحمر»، اقتحم العسكريون المتقاعدون «الخارجية» رافعين من على شرفتها لافتة كُتِب عليها «بيروت مدينة الثورة»، وأخرى حملت مطلب «بيروت منزوعة السلاح»، وهو الشعار الذي رفعته قوى 14 آذار سابقاً، لتحييه أول من أمس مجموعة «أنا خط أحمر» التي تضم الكثير من الحريريين «المتقاعدين». المتقاعدون أعلنوا أن قصر بسترس سيكون «مقر ثوار 17 تشرين»، وسط «تهييص» من ناشطي المجموعتين الباقيتين الذين بقَوا خارجاً، إضافة إلى ناشطين في مجموعات أخرى حضروا إلى المكان. تمّ الأمر في ظل وجود 4 عناصر من الجيش، الا أن أحدا منهم لم يمنع بضعة ناشطين من الدخول، بل ألقوا التحية على أصدقائهم القدامى ورحلوا. بقيت الخارجية نحو ساعة في عهدة هؤلاء، علت أثناءها هتافات، بينها تلك التي كانت تشتم الأمين العام لحزب الله وإيران وكل من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. حصل كل ذلك، خلسة عن بعض المجموعات، التي كانت قد اتفقت في ما بينها، ومن ضمنها المجموعات الثلاث، على تنفيذ هذا التحرك نهار غد حتى يأخذ «رهجته». لكن قرر العميد المتقاعد جورج نادر ورئيس حزب سبعة جاد داغر وأحد الناشطين في «أنا خط أحمر» سامي صعب، اقتحام الخارجية بمفردهم، في الوقت الذي يتعرّض فيه رفاقهم للضرب. ويصدف أن يكون كل من نادر وداغر وصعب، عونيين سابقين. وهو ما ظهر وكأنه «ثأر شخصي» من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي جرى تحطيم صورته هناك، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ولا سيما أن نادر أشار في معرض حديثه إلى الإعلام إلى أنه نسّق هذه الخطوة كاملة مع النائب شامل روكز، صهر رئيس الجمهورية. بعد ساعة تقريباً، وصلت قوة من الجيش، وكان عدد الناشطين قد ازداد، وبات غير محصور بمن نفّذوا الاقتحام، فاستسلم لهم نادر مباشرة وسلمهم الوزارة وخرج. أداء نادر أثار حنق بعض المنتفضين الذين اعتبروه متواطئاً مع الجيش، فآثروا عدم الترحيب به في الساحات أمس.