تتوالى الوثائق التي تكشف «الخداع» الذي يُمارَس في مصرف لبنان. الحاكم رياض سلامة، الذي نال لقب «الأفضل في العالم»، لم يكن أكثر من لاعب يُحرّك قطع الشطرنج بالطريقة المناسبة لحماية نفسه وأصدقائه من المصرفيين والدائرة المُحيطة بهم المستفيدة من النموذج القائم.آخر الخبايا المفضوحة ما نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» عن أنّ سلامة «عزّز بشكل تعسّفي أصول مصرف لبنان بما لا يقلّ عن 6 مليارات دولار، وذلك باستخدام إجراءات محاسبية غير تقليدية، فيما كان النظام المالي في لبنان على طريق الانهيار». الصحيفة البريطانية حصلت على البيانات المالية لعام 2018، وللمفارقة أنّ شركتَي «EY» و«ديلوييت» اللتين تتوليان التدقيق في حسابات «المركزي» وقّعتا على البيانات «المُثيرة للريبة» في 30 حزيران 2020، وكأنّهما بذلك توافقان على تضخيم مصرف لبنان لأصوله وموازنته الدفترية.
واللافت بحسب «فايننشال تايمز» أن الوثائق تُظهر أن قيمة بعض الأصول «يُحدّدها الحاكم... وفق ما يراه مُناسباً». ربّما يخرج سلامة، وأعضاء من «حزب المصرف»، وبعض «المقتنعين» به ليُدافعوا عن طريقة العمل «الاحتيالية» هذه، على قاعدة أنّها «قاعدة حسابية مُعتمدة». لكن كبير خبراء الاقتصاد السابق في «سيتي غروب» (شركة مالية أميركية)، ويليام بويتر، وصف إجراء مصرف لبنان بالـ«غريب جدّاً. إنّها مُجرّد طريقة حسابية لتضخيم أصول البنك المركزي اصطناعياً، وإخفاء رأس ماله السلبي». أما أستاذ الاقتصاد في كلية سكيردمور في نيويورك، يورغ بيبو، فقال «لم أسمع مُسبقاً أنّ حاكماً يُحدّد قيمة الأصول. هذا أمرٌ غير مألوف، فعادةً يتمّ استخدام قواعد محاسبة موحدة».