كثيرة هي الأحداث والضغوط المتوقّعة على لبنان، من اليوم وحتى موعد التمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» نهاية شهر آب المقبل. على أن التحدّي الأبرز، لبنانياً، هو ضمان عدم تعديل مهمة «اليونيفيل»، والصمود أمام الضغوط الأميركية والإسرائيلية.لكنّ هذا ليس إلّا جزءاً من المشهد. فالموقف الروسي الثابت، والذي أبلغته موسكو رسمياً إلى الرئيس ميشال عون، يجعل المهمة الأميركية شبه مستحيلة في مجلس الأمن، لكنّه في الوقت نفسه يضع الحكومة والدولة تحت ضغط الابتزاز الأميركي، بتجفيف الدعم المالي الأميركي عن «الونيفيل»، وبالتالي إنهاء مهمّتها. وهذا القلق بات يسيطر على بعض المسؤولين اللبنانيين، من دون مبرّر، إذ أن وجود اليونيفيل في الجنوب كان ولم يزل مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى، ولم تردع قوات أكثر من أربعين دولة في الجنوب، الاعتداءات الإسرائيلية يوماً واحداً.
ولعلّ أبرز ما يدور الآن في أروقة الدولة والجيش والاتصالات السياسية، وهو ما سيستمر الأسبوع المقبل، هو النقاش حول كيفية ردّ لبنان على الطروحات الدولية، وهو ما يتولّى الرئيس ميشال عون تنسيقه.
ويبدو التقرير الذي وُزع عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتيرش قبل أيام، حول تطبيق القرار 1701 «مطمئناً» بالنسبة إلى مصادر عسكرية رفيعة المستوى، اعتبرت أن «التقرير هذه المرّة أخفّ حدّة من التقارير الماضية ضدّ لبنان، ولا يوحي بأن تغييرات جوهرية ستحصل». وأكّدت أن الجانب اللبناني بذل جهداً مع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن والمشاركة في اليونيفيل لشرح الموقف والردّ على الدعاية الإسرائيلية. وأمام صعوبة حصول التعديلات في مجلس الأمن، تبدو اتفاقية «رسالة التفاهم» بين الجيش اللبناني والقوات الدولية واتفاقية «sofa» بين اليونيفيل ووزارة الخارجية اللبنانية، الملاذ الثاني لطالبي التعديلات، وخصوصاً لجهة محاولات إعطاء اليونيفيل هوامش للتحرّك من دون الجيش اللبناني. ويحاول الأميركيون والعدو الإسرائيلي وبعض الدول المشاركة في اليونيفيل استغلال «العموميات» في الاتفاقيتين، للتحايل عليهما عبر انتزاع قرار بتحرك اليونيفيل من دون مواكبة ومتابعة الجيش اللبناني، طالما أن قدرات الجيش وعديده وانتشاره وآلياته، لا يخوّلونه التحرّك بشكل دائم ومواكبة كامل الدوريات الدولية. وهذا الأمر، يحاول البعض تصويره وكأنه تقليص لهامش حركة القوات الدولية. من هنا تأتي المطالبة بـ«تحريرها» من ضرورة التنسيق والمواكبة اللبنانية.
وتأتي هذه الخطوة «التكتيكية»، في سياق خطط عديدة لرفع فعّالية القوة الدولية في التجسّس على المقاومة بأساليب وآليات إلكترونية حديثة، كأبراج المراقبة وما تحويه من كاميرات دقيقة ورادارات كشف حركة الأفراد والطائرات المسيّرة والآليات المدرّعة الصغيرة، بالتوازي مع خفض عديد القوات. إلّا أن كل هذه الخطط، تتوقّف على ردّ الفعل اللبناني عليها، وخصوصاً أن الطائرات المسيّرة في حال قرّرت القوات الدولية استعمالها، تشكّل خرقاً للقرار الدولي 1701 نفسه، إن لم يكن ذلك منسّقاً مع الجيش. كما أن قرار التنسيق مع الجيش لا بدّ أن يمرّ من خلال مجلس الوزراء، الأمر الذي لا يمكن أن يكون متاحاً.
وقبل يومين، أثارت التبديلات الجديدة في قيادة القوّات الدولية، ولا سيّما تبديل رئيس الأركان ورئيس جهاز الارتباط، الفرنسيين، بضابطين جديدين هما الجنرال جان بيير فاغوت والكولونيل فيليب بيتريل، التساؤلات، حول إذا ما كان هذا التبديل الدوري، والذي لم يشمل قائد القوة الجنرال الإيطالي ستيفانو ديل كول (جرى التمديد له سنة كاملة)، إشارةً إيجابية فرنسية تجاه لبنان، بعد الأدوار السلبية التي لعبها رئيس الأركان السابق ومساعده قائد جهاز الارتباط.، إذ أن الأخيرين، كانا رأس الحربة في خطوات التصعيد التي طلبها ديل كول، ما خلق احتكاكات عديدة بين الأهالي والجنود الدوليين، وكذلك بين اليونيفيل والجيش اللبناني.