لطالما تصرف بهاء الدين رفيق الحريري تجاه عمته النائبة بهية الحريري كأنها أمه. حفظ لها فضلها في رعايته وشقيقه سعد الدين عقب انفصال والديهما وإيداعمها لدى منزل جدهما لوالدهما في صيدا. في صيدا عاش الشقيقان لسنوات. التقطا اللكنة الصيداوية، وتعلما في مدارس المدينة، وتعرفا إلى مسقط رأس والدهما رجل الأعمال المقيم في السعودية الذي صار في ما بعد رئيس حكومة لبنان. لكن اندماج بهاء بعاصمة الجنوب كان أعلى مستوى من شقيقه الأصغر. تزوج في المرة الأولى من إحدى بناتها، قبل أن ينقطع عن صيدا كحال أشقائه بعد اغتيال والده.ورغم سلوك صاحب مقولة «يا قوم» المترفع عن القوم (حتى قوم أبيه)، لكنه ظل وفياً لعمته بهية التي سهرت عليه صغيراً. فعندما انتقلت، بالوراثة، ملكية فيلا مجدليون ومكاتب تيار المستقبل في صور وصيدا، إلى نازك الحريري وأبنائها من الرئيس رفيق الحريري، سارع الشيخ بهاء إلى شراء تلك الممتلكات ووضعها تحت تصرف عمته. والسبب كما ينقل أقرباء للعائلة في صيدا، أنه «رفض إحراج عمته ذات العلاقة الجافة مع زوجة أبيه وإخراجها من معقل زعامتها في مجدليون ومقرات المستقبل في صيدا والجنوب التي تشرف عليها». لكن بهاء يرى أن عمته لم تقف بقربه، يوم انحازت إلى سعد الدين في خلافهما. فلم تفلح ذكريات الطفولة في ردع بهاء الدين عن الانتقام من مربّيته. لوّح بعصا «الفيلا» ومكاتب التيار التي يملكها. منحها مهلة لإخلائها. في الأشهر الأخيرة، انتشرت شائعات في صيدا عن نية نادر الحريري (نجل بهية) شراء الفيلا لكي لا تمس رمزية زعامة والدته. لكن تبيّن، وفق مصادر قريبة إلى العائلة، أن الصفقة لم تُناقش لتتم، لسببين: الأول، هو السعر الباهظ للعقار الذي تتجاوز مساحته 300 ألف متر مربع؛ والثاني هو أن بهاء يكنّ الكثير من الكره لابن عمته، لأسباب عديدة، أبرزها دور نادر في إحباط انتقال الزعامة إلى بهاء من سعد، عند اختطاف الأخير في السعودية خريف عام 2017. أخيراً، رصدت حركة نشطة في منزل بهية الأساسي في الهلالية، المقفل منذ سنوات طويلة. ورش صيانة وترميم تعمل على تجهيز المنزل «تمهيداً لعودة الست إليه بعد مغادرتها مجدليون»، تقول المصادر. على صعيد متصل، أكدت مصادر مستقبلية أن قيادة التيار في صيدا والجنوب قد أخلت السبت الماضي ثلاثة مكاتب في مبنى المصباح في صيدا، ومكتباً واحداً في صور.
في الشارع الصيداوي، لم يصدح ذكر «الشيخ بهاء» بعد، كما في طرابلس وبيروت والبقاع. صيدا «وفية» لبهية، مبدئياً. رغم هزائمها المتتالية انتخابياً ومالياً وشعبياً، لا تزال تملك الكلمة الأقوى صيداوياً على صعيد الأجهزة الأمنية والبلدية والمحافظة والإفتاء..