على أرض الواقع، جُمّد سد بسري. لكن عدّاد قرض تمويل المشروع وفوائده لا يزال سارياً بين الدولة المقترضة والبنك الدولي المقترض. في جدول نشره موقع البنك الدولي الإلكتروني حول تبادل التحويلات وسدادها لبسري بين الطرفين، يظهر بأن البنك دفع للدولة ممثلة بمجلس الإنماء والإعمار في كانون الثاني الماضي ما يزيد عن مليونين و106 آلاف دولار أميركي. وفي شهر آذار، دفعت الدولة حوالى ثلاثة ملايين دولار كفوائد على القرض ورسوم تأخير بسبب توقف الأشغال في مرج بسري منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول. كما دفعت الدولة في الشهر نفسه نحو مليون دولار كجزء من سداد قيمة القرض. في المقابل، حوّل البنك الدولي في آذار ما يزيد عن 10 ملايين و 544 ألف دولار كجزء من تحويلات القرض. البنك كرّر الخطوة في نيسان وأيار الماضيين وحزيران الجاري حين حوّل تباعاً ما يزيد عن 16 مليون دولار.
حملة بسري: دياب يشكو للبنك الدولي إصرار عون على المشروع

هكذا وبالتزامن مع استعار الأزمة الاقتصادية وتزايد عدد اللبنانيين ما دون خط الفقر وانهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار، لم تجد الحكومة حرجاً من الإنفاق على المشروع الذي واجه اعتراضاً شرساً إلى أن توقف بقوة الأهالي. وتضاف حركة التحويلات إلى إطلاق وزارة الطاقة والمياه دعوة للحوار حول المشروع ومناقشة البدائل الممكنة له. فيما بدا لافتاً الدفاع اللافت من قبل النائب جبران باسيل قبل أسبوع عن المشروع الذي أبرم إبان توليه وزارة الطاقة والمياه. مصادر مواكبة للمشروع قالت إن ممثلي البنك الدولي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان «طلبوا من رئيس الجمهورية ميشال عون استخدام الأموال المخصصة لسد بسري على أغراض أخرى كدعم الزراعة والصناعة ومواجهة أزمة كورونا. إلا أن الأخير رفض». وفي الإطار نفسه، نقلت الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري لـ«الأخبار» بأن رئيس الحكومة حسان دياب «أبلغ مدير البنك الدولي في بيروت خلال اجتماع بينهما منذ أسابيع في السراي الحكومي عدم قدرته على إيقاف المشروع، شاكياً إصرار عون على المضي فيه». ووفق المعلومات، فإن جزءاً من الأموال التي دفعتها الحكومة ذهبت كبند جزائي وتعويض للمتعهد الذي لا يزال ينصب مكاتبه وآلياته وينشر حراسه في المرج بانتظار استئناف أشغاله المتوقّفة منذ أيلول الماضي. وللتذكير، فإن المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار رمى الكرة في ملعب الحكومة في نيسان الماضي عندما تحدث في بيان عن «انفتاح إدارته على اقتراحات الحكومة اللبنانية حول كيفية استخدام المحفظة الحالية من القروض المقدّمة من قبلها، بما فيها الأموال غير المنفقة ضمن سد بسري، بشكل أكثر فعّالية للاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني الملحّة والناشئة حديثاً في ظل المعارضة التي شهدها المشروع»، طالباً منها «إطلاق حوار عام وشفاف لمعالجة الاعتراضات التي أثارها حوله المواطنون ومؤسسات من المجتمع المدني».
الحملة أبدت استغرابها لإصرار الحكومة على «اقتراض الأموال للمشروع وتسديد الفوائد بعشرات ملايين الدولارات من حساب الشعب اللبناني المنهك اقتصادياً وفي عزّ انهيار الليرة واستفحال الأزمة المعيشيّة». واعتبرت بأن «انغماس الحكومة المتمادي في وحول صفقة سد بسري وخضوعها لرغبات زعماء الطوائف ومتعهّدي البناء لا يشكّلان تهديداً لمرج بسري وما يحتويه من إرثٍ بيئي وتاريخي فقط، بل هما اعتداءٌ وقح على المال العام». وكانت صفحة مرج بسري التابعة للجنة أهالي المرج قد نشرت في 9 حزيران الجاري خبراً عن «تسلم الحكومة 3 ملايين و200 ألف دولار من البنك الدولي وألقته ديناً إضافياً على مشروع متوقف منذ سبعة أشهر».
وكانت الحكومة قد أقرت قبل شهرين متابعة السير بتنفيذ المشروع في الوقت الذي اعتبر عون بأن توقيفه يشكل هدراً للمال العام. للتوضيح، فإن الحكومات السابقة أبرمت اتفاقيات قروض عدة مع البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية لزوم تمويل المشروع بأكثر من 700 مليون دولار بين عامَي 2012 و2016، صوّت لصالحها مجلس النواب.