حتى الآن، لا رقم نهائياً وواضحاً حول مجموع التبرعات والهبات التي «أغدقت» على مستشفى رفيق الحريري الحكومي في زمن «كورونا». وفق معلومات «الأخبار»، تسلّمت إدارة المستشفى، حتى الآن، نحو خمسة مليارات ليرة فقط. وهو رقم أقل بكثير من المبالغ التي أُعلن أنها ستخصص للمُستشفى الذي يرزح تحت عجز مزمن، ودين متراكم يفوق الـ 100 مليار ليرة. ففي آذار الماضي، نظّمت قناة mtv حملة لجمع التبرعات من أجل دعم المؤسسات المعنية بمواجهة انتشار «كورونا»، وفي مقدمها «رفيق الحريري». يومها أخذت «الحميّة» سياسيين كثراً اتصلوا وتواصلوا مع الحملة وأعلنوا التبرّع للمستشفى الذي كان يصارع الوباء وحيداً، من بينهم، مثلاً، النائب السابق وليد جنبلاط الذي تبرّع بـ 500 ألف دولار.مصادر في القناة أبلغت «الأخبار» أن إجمالي المبلغ الذي خُصص للمستشفى، ضمن الحملة، وصل الى نحو خمسة مليارات ليرة (ملياران و821 مليون ليرة للمستشفى، و74 مليوناً و650 ألف ليرة إضافة الى 2000 دولار قيمة التحويلات لمصلحة الموظفين، وأُودع في حساب المُستشفى مليار و781 مليون ليرة، و393 ألف دولار، فيما بلغت قيمة الشيكات التي حُوّلت باسم المُستشفى نحو 291 مليون ليرة).
إلى ذلك، أعلنت الهيئة العليا للإغاثة أنها ستدفع ملياراً و50 مليون ليرة، فضلاً عن شيك مصرفي بقيمة ستة ملايين دولار تسلّمه رئيس الحكومة حسان دياب تبرعاً للمستشفى من رئيس جمعية المصارف سليم صفير. ونقل موقع «المدن» الإلكتروني، في 25 آذار الماضي، عن «مصادر» في المستشفى أن مجموع الهبات التي تبلغت بها وزارة الصحة وصل آنذاك الى نحو 14 مليار ليرة.
غير أن المعطيات المتوافرة تفيد بأن المُستشفى لم يتسلّم سوى خمسة مليارات ليرة فقط، مصدرها حملة الـ mtv. مصدر إداري في «رفيق الحريري» أوضح لـ«الأخبار» أن التبرعات جاءت من جهات عدة، «ويجري العمل حالياً على تبويب التبرعات النقدية والعينية بحسب الجهة المتبرعة، وسيتم الإعلان رسمياً عنها وعن مجموع الأموال وجداول إنفاقها الأسبوع المقبل».
خمسة مليارات ليرة فقط وصلت إلى المستشفى الرازح تحت 100 مليار من الديون

ولفتت إلى أن هذه التبرعات «كانت مهمة للعمل على تأمين تكاليف أزمة كورونا ودفع جزء من رواتب الموظفين العاملين، وخصوصاً أن المستشفى لم يتقاضَ كامل مستحقاته من وزارة الصحة عن 2019، كما لم يتقاض أيّاً من المستحقات هذا العام». إلا أن هذا يتناقض مع تأكيدات لجنة موظفي ومُستخدمي المُستشفى التي نفذت اعتصاماً قبل يومين، مطالبة بكشف مصير الأموال التي خصص جزء منها للموظفين «الذين لم ينالوا شيئاً منها»، لافتين إلى أن المُستشفى «يتجه إلى الانهيار مع نفاد أكثرية المُستلزمات والمواد الطبية». عضو اللجنة سامر نزال لفت في اتصال مع «الأخبار» إلى وجود نقص فادح في المعدات والمُستلزمات، وقال إن الأموال التي تبرعت بها جمعية المصارف «لم تصل بعد». وفيما أوضحت مصادر وزارة الصحة أن الملايين الستة التي تبرعت بها الجمعية خُصصت لشراء أجهزة تنفّس، أكّدت مصادر في المُستشفى أن إدارته ستعلن عن مجموع الأموال التي حصلت عليها وأوجه إنفاقها وفقاً لجداول تفصيلية الأسبوع المُقبل.
إلا أنه بمعزل عن مصير هذه التبرعات والهبات، فإنّ الخشية الأساسية تكمن في أن المستشفى الذي كان منسيّاً، وحارب «كورونا» لأشهر وحيداً، لا يزال يرزح تحت وطأة الأزمات التي عاناها منذ ما قبل «زمن الفيروس»، وأن أحداً ربما لم يدرك ضرورة الاستثمار في الأزمة من أجل النهوض به مجدداً، وعدم العودة إلى سلوك الإهمال الممنهج له بعد انقضاء زمن «كورونا».