تنطلق غداً الجولة الثانية من المفاوضات الرسمية بين الدولة اللبنانية ووفد صندوق النقد الدولي. هذه المرة سيكون رياض سلامة حاضراً شخصياً. وبعدما ترك في الجولة الأولى مهمة التصويب على الخطة الحكومية إلى ممثليه، سيتولى المهمة بنفسه اليوم. وهو سيستكمل ما بدأوه عن أن «خسائر القطاع المصرفي المُقدّرة في الخطة مبالغ بها وغير دقيقة»، محاولاً إثبات هذه النظرية من خلال أرقام سيقدمها إلى الوفد. ليخلص من خلالها إلى أن الخطة لا يمكن تطبيقها.ولأن رياض سلامة قرر التخلي عن دوره، بوصفه جزءاً من وفد يمثل الدولة اللبنانية في المفاوضات، فإن مصادر معنية بعملية التفاوض صارت على اقتناع بأن هذه المفاوضات، على سوئها، من المستحيل أن تنجح في ظل وجود سلامة كجزء من الوفد اللبناني. فملاحظاته التي قرّر طرحها أمام وفد صندوق النقد، كان ينبغي عليه أن يناقشها مع حكومة بلاده، وإن لم يتمكن من إقناع المعنيين بوجهة نظره أو بأرقامه (التي رفض تسليمها في الأساس) فما عليه حينها إلا أن يلتزم بالقرار الذي اتخذ بالإجماع في مجلس الوزراء. وبالتالي، فإن مواجهته للوفد الحكومي في الاجتماعات الرسمية ستكون مضارها كبيرة، وتهدّد بإفشال هذه المفاوضات. باختصار، وجود سلامة صار عقبة في وجه أي مفاوضات جدية مع الصندوق، وهو أمر تدركه الحكومة جيداً، لكنها لا تزال عاجزة عن مواجهة هذه المعضلة.
إلى ذلك، يستمر مصرف لبنان في المماطلة في إطلاق منصة التداول بالعملات. وقد تبيّن مؤخراً أن رياض سلامة يسعى إلى المقايضة ما بين استمرار التحقيق في قضية تدخّل مصرف لبنان لزيادة الضغط على العملة الوطنية وإطلاق المنصة. وفي المقابل، ونتيجة الضغوط التي يتعرض لها، بدأ يسوّق أنه، بغض النظر عن إطلاق المنصة من عدمه، سيسعى إلى التدخل في السوق لتخفيض سعر الصرف.
في المقابل، فإن مصادر متابعة تعتبر أن تأخير المنصة يعود إلى سعي سلامة لضمان قدرته على ضبط السوق في حال إطلاقها. وهو أمر سيبقى متعذّراً طالما استمر شحّ الدولار. أما الأسوأ فهو ما يتردد عن سعي حاكم مصرف لبنان إلى السماح للمواطنين بالحصول على ٢٠٠ دولار يومياً عبر المنصة، وبالسعر الذي تحدده، علماً بأن هذه الخطوة إن نُفّذت، فستترافق مع استمرار حجز أموال المودعين ومنعهم من سحب أي مبالغ بالدولار. وتفتح هذه الخطوة الباب أمام تجارة جديدة بالعملة، قد تؤدي إلى تنظيم عمليات الشراء من مضاربين، فتكون النتيجة فتح باب جديد للسرقة. أما الحديث عن تأمين الدولارات للتجار بأسعار تراوح بين 3000 و3200 ليرة، فيبدو أمراً غير قابل للتحقق في ظل شح الدولار، المرجّح استمراره لفترة طويلة، علماً بأن هذا الوعد هو الذي أسهم في تراجع سعر الدولار حالياً، حيث أحجم عدد كبير من التجار عن الشراء بانتظار إطلاق المنصة.

باسيل: للانفتاح على سوريا
إلى ذلك، عقد النائب جبران باسيل مؤتمراً صحافياً يوم أمس، تناول فيه كل القضايا المطروحة راهناً. ودعا باسيل إلى التوقف عن قول إنّ «الودائع مضمونة»، مشيراً إلى أنّ قسماً منها لم يعد موجوداً، وعلى الدولة العمل لإعادة تكوينها واستعادتها. كما دعا إلى تصفير الفوائد على القطاعات المنتجة، أو إقرار القانون الذي تقدّم به تكتل لبنان القوي لضبط الفوائد، ووقف سياسة تثبيت سعر الصرف بكلفة عالية، واعتماد سعر صرف حقيقي وموحّد. وعاد باسيل ليؤكد رفض «سياسة تخسير المصارف كل شيء»، محذراً من المس بحرية الاقتصاد. ولأن «الدولة، برجالاتها، هي صاحبة المسؤولية الأولى»، فقد دعا إلى استخدام موجوداتها كجزء من صندوق لإقفال جزء من خسارة المصارف.
منصة التداول مقابل التحقيق بمخالفات المصرف المركزي؟


وتعليقاً على موضوع التهريب إلى سوريا، قال إن حجّة عدم القدرة على ضبط المعابر يُسوّق لها من هو متورّط فيها. ودعا الحكومة إلى أن تأخذ القرار، إمّا بالضبط أو بإلغاء الجمرك والتعويض عنه بضرائب.
وفي السياق، أعاد التأكيد على ضرورة الانفتاح على سوريا، مشيراً إلى أن «لا خلفيّة لذلك سوى حسن الجوار، لأنّ الأزمة السورية كانت أحد أهم أسباب اختناق اقتصادنا، وعلينا إعادة فتحه باتجاه عمقنا العربي من خلالها وفتح أبواب التصدير».
في ملف التعيينات، قال باسيل إنه «بدل الاختلاف على تعيين موقع مثل محافظ بيروت، يجب التركيز الآن على إنهاء التعيينات المالية في مصرف لبنان»، إذ «كيف لنا أن نُعالج أزمة النقد والمصارف والمصرف المركزي فيما الشواغر تطال نواب الحاكم ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية وهيئة التحقيق الخاصة ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي؟ فكيف نغيّر السياسة النقديّة، ولا نجري التغييرات اللازمة في المراكز النقديّة والماليّة؟».
وبعد أن استبعد مجلس الوزراء معمل سلعاتا للكهرباء في هذه المرحلة، قال باسيل إن سبب رفض المعمل هو مناقصة محطّة الغاز، لأن الشركة التي فازت بأفضل سعر قدّمت كما ينصّ دفتر الشروط على إنشاء ثلاث محطّات في الزهراني وسلعاتا ودير عمار، وهذه الشركة QP مع ENI، لا تريد أن يكون لديها عملاء في لبنان. أضاف: «هم يريدون تخسير هذه الشركة وتربيح شركة أخرى قدّمت فقط على محطتين، والسبيل الوحيد لإنجاحها هو بإلغاء محطة من الثلاث لتصبح اثنتين... فكيف نلغي محطّة الغاز؟ بإلغاء معمل الكهرباء! ليبقى اثنتان، لماذا؟ لأن هذه الشركة متحالفة مع عميل محلّي ينتمي إلى نفس منظومة النفط المعروفة».