مثّلت التعيينات الإدارية، وعلى رأسها تعيين محافظ جديد لمدينة بيروت، مادة أولى للصدام بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب. فبعد أن كان ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة قد زار عون حيث تم الاتفاق على آلية نتج عنها اقتراح ثلاثة مرشحين هم القضاة زياد مكنا ووهيب دورة ومروان عبود، تفاجأ عون برفض دياب النقاش في هذه الأسماء. وتقول المصادر إن رئيس الحكومة اعتبر أن تخليه عن الاسم الذي كان قد طرحه لشغل منصب محافظ بيروت، أي مستشارته للشؤون الصحية بترا خوري، بمثابة «انكسار» لن يقبل به. وأبلغ رئيس الجمهورية تمسّكه بخوري. هكذا، توترت الأجواء بين الرئيسين من دون التوصل الى حل، في حين أن الوقت يداهم الجميع، نظراً الى انتهاء ولاية المحافظ زياد شبيب غداً وضرورة طرح مسألة تعيين خلف له في جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل.موقف دياب أغضب المطران عودة الذي ظن أنه قدّم تنازلاً كبيراً، أولاً عبر عدم التمسك بشبيب، وثانياً عبر عدم تزكية اسم محدد، بل القبول بالآلية التي نتج عنها ٣ أسماء. لذلك دعا الوزراء الأرثوذكس الى اجتماع في المطرانية اليوم، في تصعيد شبيه باجتماع الأسبوع الماضي للنواب والشخصيات الأرثوذكسية. ثمة من يتحدث عن احتمال مقاطعة هؤلاء لجلسة التعيينات إذا ما تمسّك دياب بموقفه، ليتحول الصراع من خلاف على التعيينات الى خلاف طائفي هو الاول من نوعه في هذه الحكومة.
وطالب المطران عودة خلال العظة التي ألقاها يوم أمس بـ«العدالة والمساواة، واحترام الدستور وتطبيق القوانين». وقال: «نادينا باعتماد المساءلة والمحاسبة والثواب والعقاب، وباتباع آليةٍ شفافةٍ في التعيينات يصل من خلالها أصحاب الكفاءة والخبرة والنفوس النزيهة والأيدي النظيفة. لكننا كمن ينادي في الصحراء. فعوض الإفادة من طاقات أبنائنا ومعاملتهم كسواهم من أبناء هذا الوطن، تجاهلوهم على مرّ الأيام، ربما لأنهم لا يرفعون الصوت ولا يستعملون أساليب لا تشبههم. يبدو أن الصمت يعتبر ضعفاً في زمن الزعيق الفارغ، والسلوك الحضاري يعتبر تراجعاً». وتحدّى عودة المعنيين بالتخلي عن الصفقات والمحاصصة وإعلان الدولة المدنية. لكن «في انتظار المدينة الفاضلة اعتمدوا معياراً واحداً في التعيينات يسري على الجميع».