في غضون ثلاثة أيام، سجل حدثان مرتبطان بالطوابع، قد يتناقضان في الشكل، لكنهما يدوران في دوامة الأسلوب اللبناني في الإدارة. أمس، أعلنت وزارة المالية تأجيل فض عروض مناقصة تلزيم تقديم طوابع مالية للوزارة الذي كان مقرراً أمس، إلى 19 أيار الجاري. التأجيل المستند إلى قرار المدير العام لإدارة المناقصات جان العلية، هو الثاني بعد تأجيل أول من 16 آذار الماضي الذي قرر حينها التأجيل «لتأمين مستلزمات الوقاية»، كما جاء في بيان الإدارة. لم يكن مستغرباً التأجيل الثاني. وفق مصادر مواكبة للملف، فإن العلية لا يزال يتحفظ على عدد من البنود الواردة في دفتر الشروط الذي وضعته الوزارة، أبرزها رفض اعتماد تقنية «روتوغرافور» في الطباعة. «لم تدل التجربة على حصول خلل كبير في التقنيات المعتمدة سابقاً، لذلك لم تجد دائرة المناقصات داعياً لإدخال تقنيات عالية التكلفة»، بحسب المصادر. تحفُّظ العلية يقابله رفض نقابة أصحاب المطابع التي أعربت في محطات سابقة عن أن دفتر الشروط "فصّل ليمنع الشركات اللبنانية من المنافسة لعدم توافر تلك التقنية لديها».
لكن تأجيل فض العروض لن يمدد أزمة الانقطاع شبه الكلي للطوابع من الأسواق ولدى الدوائر الرسمية والمخاتير التي بدأت منذ نحو أربعة أشهر. ففي ظل الجمود على خط المناقصة، كان لافتاً يوم الإثنين الفائت قيام الوزارة بتسليم حوالى 50 مليون طابع للدوائر المالية الإقليمية في المحافظات. فما الذي حصل؟ مصدر في الدائرة المالية في إحدى المحافظات أوضح أن الوزارة، وإزاء عدم الاتفاق على بنود المناقصة، بادرت العام الماضي إلى تلزيم عقد بالتراضي لإحدى دور الطباعة لطباعة جزء من حاجة السوق (8 ملايين طابع) بمبلغ 50 ألف دولار. لكن تلك الدار طبعت طوابع لم تعجب الوزارة التي طلبت تغييرها. قررت الدار استيراد معدات من الخارج لرفع مستوى طباعتها، لكن وصولها تعرقل بسبب اندلاع أحداث 17 تشرين ثم انتشار وباء كورونا. لكن ولتأمين جزء من حاجة السوق، «وبعلم وزارة المال وموافقتها، قامت الدار بطباعة 50 مليون طابع في مطبعة تملكها دار أخرى» قال المصدر.
أوراق «إخراج القيد العائلي» مفقودة من «الأحوال الشخصية»


لكن الضخ المفاجئ للطوابع لم يحل الأزمة حتى الآن، رغم مرور أربعة أيام. «مخاتير» قرى بعيدة عن العاصمة أكدوا لـ«الأخبار» أن دوائر المالية في المناطق لم تسلم الطوابع للمخاتير حتى مساء أمس، ووعِدوا بتسليمها مطلع الأسبوع المقبل.
أزمة الطوابع على طريق الحل. ماذا عن أزمة الانقطاع شبه الكلي للأوراق التي يخط عليها إخراج القيد العائلي؟ كمية الأوراق في دوائر النفوس في عدد من المحافظات نفدت. وكان من المقرر إجراء مناقصة جديدة لتلزيم شركة لطباعتها، وهو ما لم يحصل بعد.
وكان المدير العام للأحوال الشخصية الياس الخوري قد أصدر منذ نحو شهر مذكرة بشأن آلية العمل في بيانات القيود العائلية، في ظل "عدم التمكن من السير بملف تلزيم تأمين بيانات قيود إفرادية وعائلية بسبب الظروف الاستثنائية السائدة، ونظراً إلى عدم توفر الكميات اللازمة من بيانات القيود العائلية في مستودع هذه المديرية». وطلب الخوري من رؤساء دوائر النفوس في المحافظات «عدم إصدار بيانات قيود عائلية إلا للضرورة، والاستعاضة عن ذلك بالمصادقة علي بيانات القيود أو مصور عنها الصادرة بتاريخ قديم، في حال لم يطرأ عليها أي تعديل، والموجودة بحوزة أصحاب الشأن، وذلك إلى حين تأمين بيانات القيود العائلية الجديدة. وفيما خص المعاملات الإدارية المحالة من هذه المديرية العامة واليها، الاكتفاء بالمصادقة على بيانات القيود العائلية المرفقة بالمعاملات في حال وجودها بعبارة "لم يطرأ أي تعديل"».