لم تكَد حكومة الرئيس حسان دياب تتنفّس الصعداء، بعد تخطّيها مرحلة «كورونا» الأولى بأقل الخسائر، حتى وجدَت نفسها تتخبّط في ملاقاة الموجة الثانية من الوباء التي غذّتها لامبالاة بعض المصابين، والأوضاع المعيشية المأسوية، وسط «حروب» أهل البيت الواحد في معركة مُكافحة الفساد. وبينَ الهمّ الوبائي والسياسي، انشغلت الحكومة بالاستعداد لبدء المحادثات مع صندوق النقد الدولي، وطلب المساعدة الذي تقدّمت به الحكومة بناءً على «خطّة التعافي» المالي التي أقرّتها. فإلى جانِب النقاشات التي جرت في شأن التدابير والإجراءات في ما يتعلّق بالارتفاع المُخيف لأعداد المصابين بكورونا، أخذ موضوع التفاوض مع البنك الدولي حيّزاً من المداولات، قبلَ إقرار عدد من بنود جدول الأعمال، وتأجيل البعض الآخر بسبب غياب التفاهم عليه.وكانَ بند عرض وزارة الطاقة في موضوع تأمين الكهرباء، من أكثر البنود التي جرى التوقف عندها، فيما لا يزال اقتراح إنشاء معمل في سلعاتا (البترون) يثير ريبة عدد من مكونات مجلس الوزراء، في مقابل إصرار التيار الوطني الحر على إنشاء المعمل في تلك المنطقة. وزيرا حركة أمل سجّلا تحفّظات عدّة على طريقة الطرح لجهة أن الخطة المعروضة «تسوّق لشركة سيمنز أكثر من غيرها»، فهي «تشرح تفاصيل العرض المقدم من قبل الشركة الألمانية بشكل مفصّل، بينما الشركات الأخرى ذُكرت بشكل مُقتضب». ومن الملاحظات التي سجلها الوزيران أن «القانون ينصّ على التفاوض من دولة لدولة، بينما وزير الطاقة يعتمد آلية التفاوض مع الشركات»، من دون توضيح «كيفية توزيع الوحدات، والمناطق التي ستقام فيها المعامل، وثمن الفيول والغاز، والإدارة ودور الشركات»، فضلاً عن «تبدّل الأسعار خلال السنوات الثلاث المُقبلة». كما جرت الإشارة إلى أن «الفرنسيين أبلغوا وزير الخارجية ناصيف حتّي أن الموافقة على خطة الكهرباء تتّصل بإقامة محطتين لإنتاج الكهرباء، فلماذا الإصرار على معمل سلعاتا في وقت نستجدي فيه مساعدة صندوق النقد، والكل يعلَم تكلفة إنشاء معمل ثالث؟». وبينما كان لوزير الصناعة عماد حب الله مداخلة اعتبر فيها أنه «ليس بالإمكان اتخاذ قرار بالموافقة على مذكرة التفاهم في موضوع الطاقة لأنها بحاجة الى الدرس»، أصرّ رئيس الحكومة على ضرورة اتخاذ قرار في الجلسة، لكن البند لم يمُر بعد عرضه على التصويت نتيجة معارضته من قبل وزراء «حزب الله وحركة أمل والمردة والوزيرتين منال عبد الصمد وفارتينه أوهانيان». ومن البنود التي حصَل جدال حولها، عرض وزارة الإعلام لخطة عمل الوزارة الاستراتيجية. فقد انتقد الوزير راوول نعمة الخطة، معتبراً أنها «تقليدية، وأصلاً لا لزوم لوجود وزارة للإعلام كما هي الحال في كثير من الدول»، ما استفزّ وزيرة الإعلام التي أكدت أن «الخطة متطورة جداً»، قبل أن يتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة لمتابعة الأمر. وبينما تم ترحيل بنود أخرى لحاجتها إلى النقاش، وافق مجلس الوزراء على هبة نقدية من إدارة حصر التبغ والتنباك بقيمة توازي مليون دولار قابلة للتحويل الى الخارج، على أن يصار الى استعمال جزء من هذه الهبة لمساعدة ونقل الطلاب اللبنانيين المتعثّرين مادياً والموجودين في الخارج، ولا سيما في المناطق المعزولة.
جدال بين نعمة وعبد الصمد بسبب خطّة وزارة الإعلام


في سياق آخر، ورغم أن رئيس الحكومة رفع الصوت بوجه التجار وجشعهم الذي يتسبب بالارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، داعياً الى إجراءات صارمة بحقهم، لم تتخذ الحكومة قرارات واضحة بإجراءات رادعة في مواجهة الغلاء. وكان دياب قد أكد ضرورة محاسبة من يتلاعب بالعملة الوطنية، تماماً كما كان التشدد في ضبط مخالفات الصيارفة، مشيراً الى انه طلب من حاكم مصرف لبنان ضخّ دولارات في الأسواق للجم ارتفاع سعر صرف الدولار عبر تحقيق حدّ أدنى من التوازن، وهذا الأمر ضروري ومن مسؤولية الحاكم. أما رئيس الجمهورية فأثار قضية التهريب، ولا سيما المازوت والقمح عبر المعابر غير الشرعية. وتقرر دعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى اجتماع يُعقد بعد ظهر اليوم لوضع إجراءات إضافية أكثر تشدداً لمنع التهريب.