جرت العادة أن يخصّص مجلس الوزراء جلسة أسبوعية لمناقشة الخطة الإنقاذية. لكن، أما وقد أقرت هذه الخطة، فسيعمد المجلس إلى تخصيص جلساته لمناقشة مواضيع مرتبطة بتنفيذها. أمس، كان العنوان متابعة الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار. على مدى أربع ساعات، طرح الكثير من الأفكار، لكن معظمها لم يتحوّل إلى إجراءات أو قرارات.وزير الاقتصاد أبلغ مجلس الوزراء قراراً بوضع حد أقصى لهامش الربح للسلع الأساسية، والتحقق من تطبيق المعايير نفسها لدى المتاجر، ومراقبة السعر والمطابقة مع الفاتورة. وقد تشعب النقاش في الجلسة في شأن كيفية تحديد السعر العادل، وكيفية تحديد معايير التسعير، بما يأخذ في الحسبان نسبة الدولرة من الكلفة، بشكل واقعي لا كما يحصل حالياً.
وفي سياق الإجراءات المتبعة لضبط الأسعار، تقرر أن تواكب قوى الأمن الداخلي المراقبين الاقتصاديين لضبط فلتان الأسعار، إضافة إلى تعزيز المراقبين بمندوبين من البلديات. وقد أبلغ وزير الداخلية محمد فهمي «الأخبار» أنه سيعمل على مؤازرة وزارة الاقتصاد للتصدي للمخالفين ومن يرفعون أسعار السلع بشكل جنوني. وأوضح أنه دعا كل المحافظين إلى الاجتماع مع وزير الاقتصاد غداً للاطلاع منه على الآليات المتّبعة في الوزارة لضبط الأسعار. وأعلن أن «الداخلية» ستبدأ عملها التنفيذي الأربعاء المقبل، بالتنسيق مع البلديات، بعد إعلامها بالإجراءات الواجب اتباعها وتأمين متطوعين للقيام بهذه المهمة.
في بداية الجلسة، أكد الرئيس حسان دياب أن الحكومة «معنية بحماية الناس من كل تاجر انتهازي ومن كل محاولة لتجويع اللبنانيين. ومن غير المقبول أن يتصرف التجار بحرية وأن يغيب الضمير الإنساني والوطني عند بعض التجار المتحكمين بالأسواق عبر فرض الأسعار الخيالية». وشدد على أن الدولة «مسؤولة عن حماية الأمن الغذائي للبنانيين، ومن الضروري وضع حد لهذا الفلتان. ويجب أن تكون هناك إجراءات صارمة تحمي لقمة عيش الناس».
ولأن الأزمات التي صارت ملازمة ليوميات اللبنانيين لا تنتهي، أضيف اليها أمس الخشية من إضراب قد ينفّذه أصحاب محطات المحروقات اعتراضاً على الخسائر التي تواجه القطاع. فقد أشار عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، في مقابلة مع «ام تي في»، إلى أن «الزيارات لوزير الطاقة ريمون غجر لم تصل الى نتيجة»، مؤكداً «أننا سنتوجّه الى الإضراب وإقفال الطرقات». فيما قال نقيب أصحاب المحطات سامي البراكس لـ«الأخبار» إن الدولة «مطالبة بالوقوف في وجه شركات النفط التي تُحقق أرباحاً طائلة من تجارة الدولار». وإذ رفض البراكس الإشارة إلى الإضراب، قال إن «مشكلتنا ليست مع الناس، بل مع شركات النفط التي تبيع المازوت في السوق السوداء، ومع الدولة التي لا تضع حداً لمخالفات هذه الشركات». أضاف: «القصة ليست قصة إضراب، والوضع لم يعد يُحتمل، وإذا أكملت الأمور على المنوال نفسه فلن نكون قادرين على الاستمرار»، مشيراً إلى أن النقابة «ستطرح كل الوقائع أمام الرأي العام، فبين دفع ١٥ في المئة من ثمن المحروقات بالدولار وبين الاضطرار إلى شراء المازوت من السوق السوداء نظراً إلى عدم التزام الشركات بالسعر الرسمي، صارت الخسائر أكبر من أن تحتمل».
من جهته، أكد غجر لـ«الأخبار» تفهمه لمطالب المحطات، إلا أنه أشار إلى أنه فوجئ بالإعلان عن الإضراب، لأن الوفد الذي التقاه وعد بأن يقدم دراسة تبين الخسائر التي يتعرض لها القطاع. وأكد غجر أنه لا يمكنه أن يعدّل في السعر إلا وفقاً للآلية التي اتفق عليها مع النقابة منذ نحو شهرين، والتي تراعي ارتفاع سعر الدولار. وقال: «إذا أرادوا الإضراب فهذا قرارهم»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مشكلة هؤلاء «ليست مع وزارة الطاقة بل مع الشركات، وإن كانت الأخيرة لا تلتزم بالأسعار الرسمية، فعلى وزارة الاقتصاد أن تلاحقها». ولفت الى أن «المشكلة الفعلية للمحطات برزت مع إقرار التعبئة العامة التي أدت إلى انخفاض مبيعاتها بنسبة 70 في المئة في بعض المناطق».
في غضون ذلك، عاد الرئيس سعد الحريري لاستكمال حملة الدفاع عن حاكم مصرف لبنان وعن المصارف والسرية المصرفية، متحدثاً عن «مسؤولية الدولة عن وصول الدين العام إلى 90 مليار دولار»، وسائلاً عن الـ 47 مليار دولار التي صرفت على الكهرباء خلال تولي وزراء التيار الوطني الحر وزارة الطاقة. أضاف الحريري: «حتى أنا كرئيس حكومة في حينها، إن كنتم تريدون أن تحاسبوني على جزء من هذا الهدر، فأنا على استعداد لأن أتحمل وأحاسب. أما غيري فلا يريد أن يتحمل أو يحاسب على أي شيء، لا على الـ 47 ملياراً ولا على أنه عطّل انتخابات رئاسة الجمهورية ولا على تعطيل تشكيل الحكومات. أليس كل ذلك هدراً؟».
وأكمل الحريري هجومه على مضمون الخطة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة، مشيراً إلى أنه كان يجب مناقشتها في مجلس النواب، و«ما حصل هو التفاف على الطائف». وقال في دردشة إعلامية، تلت لقاءه رؤساء الحكومات السابقين، في لقاء هو الثاني خلال أسبوع: «المطلوب من الجميع أن يسيروا بشكل صحيح ليستقيم البلد (...) علينا أن نعترف جميعاً بأن هناك مشكلة في البلد، وأننا في حاجة إلى المجتمعين العربي والدولي، لكن ما يحصل هو تدمير للقطاع المصرفي اللبناني». وسأل: «ما الذي سيكسبه الشعب اللبناني إذا تم تدمير هذا القطاع؟». واعتبر الحريري أن «هناك من يعطل التشكيلات القضائية لأسباب كيدية لأنه لا يريد مكافحة الفساد (...) يقومون بفتح ملفات عن السرية المصرفية ومكافحة الفساد، لكنّ هناك حزباً بكل ما للكلمة من معنى، ليس لديه حساب مصرفي، فكيف نحاسبه أمام القضاء؟».