حمل اليومان الأخيران تطوراً غير اعتيادي في مسار عدّاد «كورونا». فبعد استقرار وانخفاض في أعداد المصابين على مدى أيام، استرجع العدّاد ذروته مع تسجيل أعداد عالية، وصلت إلى 48 حالة إيجابية، بحسب التقارير الثلاث الصادرة عن وزارة الصحة العامة أمس (تقريرين) وأول من أمس. وتوزّعت هذه الحالات بين 39 أمس و9 أول من أمس، وهي تعود في غالبيتها إلى العائدين على متن طائرات الإجلاء الآتية من نيجيريا (25 اصابة) وقطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية وغينيا وسيراليون وباريس (اصابة واحدة) وليبيريا(3 اصابات) وأبو ظبي (اصابة واحدة). وفي المقابل، سجّل عدّاد المقيمين 3 حالات إيجابية فقط. وقبل أن يقفل العدّاد على تلك الأرقام، أعلن مستشفى بيروت الحكومي ليل أمس تسجيل 4 حالات جديدة (3 مقيمين ومغترب) ليرتفع العدد إلى 793 حالة، شفي منهم 223، فيما استقرت أعداد الوفيات على 25، والعدد الحالي للمصابين على 545.أما على خط الحدود البرية، فلم تسجّل أية إصابة، إذ أجريت فحوص الـpcr لـ91 عائداً عبر نقطة المصنع و102 عبر العبودية جاءت كلها سلبية، بحسب تقرير وزارة الصحة.
بعيداً عن إيجابية الحدود البرية، أعادت الخطوط الجوية تثبيت لبنان في مربّع الحذر. ولئن كانت أعداد الإصابات المقيمة لا تزال ضمن المستوى الجيد، إلا أن الإصابات التي سُجّلت في صفوف العائدين تنذر بالخطر من جهة وتؤخر فترة الشفاء أسابيع إضافية، أقلّها أسبوعان. الخطر هنا أن «أعداد الإصابات عالية من جملة الفحوص التي أجريت»، حسبما تشير مصادر وزارة الصحة. وفي مثال على ذلك، تشير الوزارة إلى أن الإصابات الـ25 التي سُجّلت على متن الطائرة العائدة من نيجيريا كانت من أصل 160، أي ما نسبته 16%، وهي نسبة تحدث للمرة الأولى. كما أن احتمال صدور نتائج إيجابية أخرى من لائحة العائدين «عال جداً». انطلاقاً من ذلك، نبّه وزير الصحة حمد حسن، أمس، إلى أن ما حدث «يدفعنا لاتخاذ تدابير جديدة من نقطة الصفر لتتبع الحالات ومنع انتشار الوباء مجدّداً».
عودة المغتربين تؤخّر تصفير الإصابات لأسبوعين آخرين


نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا، الدكتور محمد حمية، حذّر من أن رقم العائدين «يؤخر فترة الشفاء أسبوعين آخرين». ولفت إلى أن الإشكالية تكمن في كيفية متابعة هذه الأعداد، «أي في الكادر البشري الذي سيتابع وفي التزام العائدين بالإجراءات الصارمة لمنع نقل العدوى إلى المجتمع». كما أن مصدر الخوف هو «هيكلية الفيروس»، إذ أن «الفيروس في الداخل اعتاد على جسمنا. في حين أن هيكلية الآتي من الخارج قد تكون مغايرة واحتمالية انتقاله من شخصٍ إلى آخر أكبر». أضف إلى أن الفيروس، هيكلياً، هو في تطور بشكلٍ يومي. من هنا، يدعو حمية إلى التعاطي بجدية أكبر ومتابعة حثيثة «خوفاً من العودة إلى نقطة الصفر». وثمة جانب آخر من الإشكالية تطرحه نسبة الأعداد، وهو «تمديد فترة الوصول إلى الشفاء، أي تصفير الإصابات، لأسابيع أخرى». وبحسب حمية، كان من المتوقع أن يكون الوصول إلى صفر إصابات أواخر حزيران، إلا أنه مع الوضع الراهن، لن تبقى الحال على ما هي عليه. وما يعزز هذه الفرضية أن المرحلة الثانية من العودة لم تنته بعد، واحتمال تسجيل إصابات جديدة قائم فعلاً. وثمة أمر آخر قد يمدد فترة الخروج من الجائحة، وهو احتمال البدء بمرحلة ثالثة من عودة المغتربين. وهو ما أعلنه وزير الخارجية والمغتربين، أول من أمس، مشيراً إلى أن «المرحلة الثالثة من العودة ستبدأ في الرابع عشر من الجاري»، على أن تشمل ما يقارب «من 13 ألف مغترب». وستشمل هذه الدفعة دولاً جديدة، منها «دول لا تصل إليها طائرات شركة طيران الشرق الأوسط (ميدل إيست)».
على خطٍّ آخر، تكمل وزارة الصحة العامة جولات العينات الموجهة في المناطق، حيث بلغت أعداد تلك العينات حتى يوم أمس 9000، سُجل منها فقط حالتان إيجابيتان. ومن المتوقع أن تصل تلك الفحوص إلى عتبة العشرة آلاف في العاشر من الجاري، على أن يُرفع على أساسها تقرير.
وفي ما يخص مراحل عودة الحياة التدريجية، تشير مصادر وزارة الصحة إلى أن قراراً سيصدر اليوم يتعلق بعودة دور الحضانة إلى العمل. وفي هذا الإطار، يقضي القرار بعدم استقبال تلك الدور للأطفال في الفترة الحالية.



طائرة «خارج الجدول»
من خارج جدول رحلات العودة، حطّت أمس طائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية في مطار بيروت الدولي، على متنها 160 لبنانياً عادوا «من دون تنسيق مع الجهات المعنية»، على ما تقول المصادر. ولئن كان استقبال الطائرة جرى كما العادة في استقبال الطائرات الأخرى، حيث أجرى الفريق التابع لوزارة الصحة العامة فحوص الـpcr اللازمة للركاب، إلا أن ما لم يكن في الحسبان هو الإرباك الذي أحدثه هذا الهبوط. وفي وقت يشير بعض العائدين إلى أن «القنصلية اللبنانية في الرياض أعلمتنا ليل الثلاثاء الماضي بأن نحجز بسرعة لأن طائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية ستقلع الخميس (أمس)»، لفتت مصادر وزارة الصحة إلى أن «هذه الطائرة ليست واردة في الجدول ولم تنسق معنا». أما الجزء الآخر من القضية فهو «الإضراب» الذي نفذه العائدون، إذ أنهم عندما نقلوا بالباصات إلى فندق لانكاستر، «طُلب منا أن ندفع 316 ألفاً، مقسمة ما بين 150 ألفاً للفحص و166 ألفاً كلفة الإقامة في الفندق». ولهذا «اعتصم الركاب في الباصات ورفضوا النزول منها». وبعد مفاوضات، أخذت وزارة الصحة على عاتقها إجراء الفحوص مجاناً. أما الإقامة، فقد نزل بعض الركاب في فندق لانكاستر، فيما البعض الآخر «عمل وزير السياحة رمزي المشرفية على تأمين بدائل لهم أقل كلفة كون بعضهم لم يكن يحسب تلك الحسابات».