تواجه الحكومات حول العالم أحد أكبر التحديات اليوم؛ كيف لها أن تضمن خروج الناس من الحجر الصحّي، من دون عودة انتشار الوباء على أراضيها بشكل أكبر مِن ذي قبل؟في هذا الشأن، يُجمع خبراء الأوبئة على أن الحلّ يكمن في إجراء مزيد من الفحوص المخبرية لتحديد المصابين وعزلهم، وفحص مَن كوّن أجساماً مضادة للفيروس، بهدف تحديد ما حصل ويحصل على أرض الواقع. إلا أن النقص في معدات الفحص حول العالم يستلزم خطة بديلة وناجعة. من هنا، بدأ بعض مراكز الأبحاث في اختبار قدرة جهاز فحص بأربعة أرجل، رفيق الإنسان الأجمل، الكلب.
تختبر مراكز أبحاث عديدة في كلٍّ مِن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة قدرة الكلاب على التمييز بين مصاب بفيروس «كورونا» وآخر غير مصاب. وفق ما بات معلوماً، تستطيع الكلاب المدرّبة شمّ وفحص 250 شخصاً في ساعة واحدة، الأمر الذي إذا ما ثبتت فعاليته مع «كوفيد-19»، فسيقلّل من آثار الفجوة الكبيرة في عدد معدات الفحص، وسيسرّع من عملية التشخيص، خصوصاً في المطارات وأماكن التجمّعات الأخرى. وفي حال نجاح التجربة، فإنها ستجعل مِن عملية عودة الناس إلى الحياة الطبيعية ممكنة، وبشكلٍ يضمن للسلطات عدم تعرّض مواطنيها لخطر موجات جديدة من الوباء.
الكلاب قادرة على شمّ الملاريا وأمراض السرطان وحتى البكتيريا


في بريطانيا، يجري حالياً استكشاف إمكانية استجابة الكلاب لوباء «كورونا» من قِبَل كلية لندن للصحة والطب (LSHTM)، وجامعة درهام، ومنظمة الكلاب للكشف الطبي (Medical Detection Dogs organization). يقول رئيس قسم مكافحة الأمراض في كلية لندن، البروفيسور جيمس لوغان: «إنها الأيام الأولى للكشف إن كان لكوفيد-19 رائحة. لا نعلم إن كانت له رائحة محدّدة بعد، لكننا نعلم بأن أمراض الجهاز التنفسي الأخرى تغيّر رائحة أجسامنا، لذا، هناك فرصة». ويضيف: «إذا نجح ذلك، يمكن لأداة التشخيص الجديدة هذه أن تُحدِث ثورة في مواجهتنا» للمرض.
جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة تختبر الكلاب أيضاً. وتقول: «إذا أثبتت التجربة نجاعتها، فقد يتم استخدامها في نهاية المطاف كنوع من فيلق مراقبة، حيث تقدّم طريقة غير جراحية لفحص الأشخاص في المطارات أو الشركات أو المستشفيات». وبحسب تقرير نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، فإنه «لن يكون من المستغرب أن تثبت الكلاب براعة في الكشف عن كورونا، إذ إضافة إلى المخدرات والمتفجرات والمواد الغذائية المهرّبة، فإن الكلاب قادرة على شمّ الملاريا وأمراض السرطان وحتى البكتيريا التي تدمّر بساتين الحمضيات في فلوريدا». وتؤكّد مديرة مركز الكلاب العاملة في كلية الطب البيطري في بينس، سينثيا إم أوتو، أن الأبحاث «وَجدت أن للفيروسات روائح معينة». تجدر الإشارة إلى أنه من غير الواضح حتى الآن، إذا ما كان يمكن الكلاب تحديد إصابة شخص ما بالفيروس وهو في حالة المشي، وإذا تمّ التثبت منها هي الأخرى، يمكن حينها تدريب آلاف الكلاب ووضعها عند مداخل المتاجر والشركات وكل أماكن التجمعات، ما يضمن للسلطات فحص الناس بشكل مستمر، ويجنّب البلاد موجات جديدة من الوباء.
في سياقٍ متصل، أعلنت شركة الأدوية والمعدات الطبية العملاقة «روش»، أمس، أنها تلقّت موافقة الاستخدام الطارئ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، لاختبار الأجسام المضادة Antibodies للمساعدة في تحديد إذا ما كان الأشخاص قد أصيبوا سابقاً بفيروس «كورونا»، وكوّن جهازهم المناعي مضادات له. الجهاز عبارة عن أداة تشبه جهاز فحص مستوى السكر في الدم، ويجري الفحص عبر وخز أحد أصابع اليد لأخذ عينة دم وفحصها. صحيح أن إعلان «روش» جاء متأخّراً، إذ إن العديد من الشركات الأخرى طرحت أجهزة مشابهة منذ أسابيع، غير أنه، بعد اختبار الملايين منها حول العالم، تبيّن أنها تحتوي عيوباً في التصنيع (استوردت المملكة المتحدة 3.5 ملايين فحص للأجسام المضادة ليتبيّن فشلها لاحقاً). وليست معلومةً، لغاية الآن، إمكانات منتَج «روش»، ولكن، إذا كان الجهاز ناجحاً بالفعل، يمكن القول إنّ الناس باتوا أقرب من أيّ وقتٍ مضى للسيطرة على الوباء، في ظلّ عدم وجود علاج أو لقاح فعّال.