مرة جديدة، تصطدم الحكومة بالفريقين: الفريق الذي كلّفها وتبنّاها، والفريق المعارض لها والناقم عليها. أحد النّواب يصف الحكومة بأنها «يتيمة» ووزراءها أيتام، (بعضهم طبعاً). فهي من جهة تتحمّل أعباء الماضي بشكل مباشر بثلاثة عقود من الحكم، وأعباء الحاضر بالانهيار الحاصل ومصيبة كورونا التي أرهقت دولاً صلبة، والمستقبل لأنها مطالبة من الناس ومسؤولة أمامهم للإنقاذ والتغيير ومكافحة الفساد و و و... لكنّها من جهة ثانية، مكشوفة بين تجاذب الكتل التي سمّتها ونقمة الكتل التي تعمل على إفشالها، وأسيرة التوازن الطائفي.ومع ذلك، فالحكومة هي أقوى مما يعتقد الجميع. فهل يوجد مسؤول واحد اليوم يجرؤ أمام اللبنانيين أن يبرّر إسقاط هذه الحكومة مهما كانت الأسباب والانتقادات، بعد تجارب الحكومات التي قُدّمت على الأقل في الـ 15 عاماً الأخيرة؟ هل يضمن أحد، أيّ أحد، أنه إذا سقطت هذه الحكومة التي تشكّلت بـ«أعجوبة»، فسينجح مرة ثانية في تشكيل حكومة في لبنان وأن تبقى سلطة قائمة، في ظلّ الانهيار الاقتصادي والمالي وتحدّي كورونا والتداعيات الأمنية والسياسية والاجتماعية المتسارعة؟ الجواب هو «لا»، عند الكتل الداعمة للحكومة، حزب الله والتيار الوطني الحرّ وحركة أمل. حتى النائب السابق وليد جنبلاط، يصوّب على الحكومة من باب الابتزاز، وهو يعرف ثمن سقوطها جيّداً على الجميع، ومثله القوات اللبنانية. وحده سعد الحريري كل يوم يمرّ على وجود الرئيس حسان دياب في السرايا الحكومية يبعده أكثر عن «وظيفته» السابقة.
وإذا كان الصدام بين دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مفهوماً، فإن ما حصل بين دياب ورئيس المجلس النيابي أمس في البند المتعلّق بمساعدات بقيمة 1200 مليار ليرة، جاء صادماً وملتبساً. فبرّي كان من أبرز الداعمين طوال الشهرين الأخيرين لضرورة دفع مساعدات للمواطنين والمؤسسات، وهو لم يردّ يوماً على الحريري بالحدّة التي ردّ بها على دياب في الجلسة البرلمانية. في الاتصالات الليلية أمس، كرّر برّي وفريق معاونيه التأكيد أن موقف الرئيس سببه الطريقة التي تم بها تقديم الاقتراح، وأن الموقف تقني وليس هناك أي خلفية سياسية. وبحسب المعلومات، فإنه تمّ الاتفاق على إعادة طرح الأمر على مجلس النواب مع إيضاحات في أسرع وقت ممكن لإقراره. أما معاون برّي النائب علي حسن خليل، فكتب على تويتر أن أولوية رئيس المجلس هي دعم الحكومة.
ولعلّ الكلام الأبرز لدياب، كان في ردّه على تعاميم سلامة ومصرف لبنان، التي أكّد أنها لا تتوافق مع سياسات الحكومة وأنه لم يتم استشارتها بالموضوع. وتوعّد دياب بأن يكون هناك «مواقف متشددة من قبل الحكومة يوم الجمعة وما بعد الجمعة».