لكن، الحكاية التي لم يقلها يموت وقباني، والحريري سابقاً، في العلن، تكفّل بها الناجحون من غير «سنّة العاصمة». وأخيراً، وجّه هؤلاء كتاباً إلى رئيس الحكومة حسان دياب، يشكون إليه «ظلم ذوي القربى»، داعين إياه إلى عدم «الإذعان لضغوطات مرجعيات دينية معروفة، تميّز بين سنّة بيروت وباقي السنّة في لبنان».
لكن، على ما يبدو، أن الرئيس دياب سلك طريق الحريري، إذ لمس منه أعضاء في لجنة متابعة المرسوم محاولة «فرملة» مسار التوقيع. فبعدما كان هو «السبّاق إلى الاتصال بوزيرة العدل ماري كلود نجم داعياً إياها إلى التعجيل بالمرسوم»، على حدّ قول أحد أعضاء اللجنة، بات اليوم غير قادر «على الخروج من جلدته». وجلدته هي «بيروتية» وليست «من الإقليم»، هذا ما يقولوه الناجحون من هناك.
دعا «الناجحون السنّة» رئيس الحكومة إلى عدم الإذعان لمرجعيات دينية تميّز بين سنّة بيروت وباقي السنّة في لبنان
هؤلاء، وإن كانوا من أبناء بيئة الرئيس دياب، إلا أنهم ليسوا «طبقة أولى»، كما حال أبناء العاصمة. مع ذلك، ينسى «الغيورون» على مصلحة أبناء العاصمة، وهم يفرزون الناجحين، أن الشرط الأول في شروط مباريات مجلس الخدمة المدنية هو «الكفاءة والنزاهة». وهو ما ينسفه هؤلاء، كما نسف آخرون حق ناجحين آخرين، واللائحة قد تطول هنا، من مأموري الأحراج إلى المراقبين الجويين إلى خفراء الجمارك.
قبل أن يصطدم الناجحون مجدداً بحائط «الطبقية»، كان أن استبشروا خيراً بدياب، حتى قبل أن يصبح رئيساً للحكومة. كان ذلك «على إيام التكليف عندما زرناه وعرضنا عليه قضيتنا، ويومها قال: أنا جاي من رحم ثورة، وبمثلكن إلكن متل ما بمثّل أي مطلب محق»، يقول أحد أعضاء لجنة المتابعة. وقد وعد دياب حينها بأنه «سيوقّع المرسوم بعد تأليف الحكومة». وبعد التأليف، بقي دياب على وعده، إلى أن بدأت التصريحات العلنية من «البيارتة» المؤثرين، ومنهم المفتي السابق قباني، والتي كانت تحذّر من محاولة تمرير المرسوم «طالما أن السنّة البيارتة مش ممثلين». بعد ذلك، ضرب الرئيس دياب «فرام». وهو، إذ يعتبر أنه «نتاج» ثورة، إلا أن ما لم تستطع أن تغيّر فيه تلك الأخيرة هو «جلدته»، إذ إن الوعد الذي أطقله سابقاً «ذهب أدراج الريح»، تقول مصادر لجنة المتابعة.
اليوم، يقف حق 70 ناجحاً بمباراة الكتاب بالعدل، 11 منهم «سنّة» (وواحدة من هؤلاء في بيروت) عند عتبة حقوق «البيارتة السنّة». وهذا ما يزيد النقمة لدى الناجحين، فإما تكون الدولة هي المرجع، وإما تكون المرجعيات الدينية. وفي حال كانت الأخيرة، «فلتقفلوا مجلس الخدمة المدنية، ولنُجرِ امتحاناتنا الجديدة لدى دار الإفتاء أو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أو بكركي».