في خضمّ أزمة فيروس كورونا وفي ظل التعبئة العامة، أدرجت الحكومة على رأس جدول أعمال جلستها الأخيرة بند «زيادة تغذية منطقة بيروت الكبرى بالمياه». وأقرّت بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون، الاستمرار بمشروع سدّ بسري «نظراً إلى أهميته الإستراتيجية في تأمين المياه لمنطقة بيروت الكبرى»، بحسب ما جاء في مقرّرات الجلسة. البند تضمن الموافقة على الحصول على قرض إضافي من البنك الدولي (مموّل المشروع) بقيمة 625 مليون دولار لإنشاء السد والخزان المائي في مرج بسري. علماً بأن كلفة المشروع العامة المصرّح عنها تبلغ حوالى مليار و200 مليون دولار تشمل محطة التكرير في الوردانية والأنفاق بين بسري وبيروت الكبرى لجرّ المياه التي تكاد تُنجز الأعمال فيها. المقرّرات شملت «تشكيل لجنة من وزارات الطاقة والمياه والبيئة والداخلية والبلديات والزراعة والثقافة ومجلس الإنماء والإعمار، لتواكب تطور الأعمال في المشروع والتحقق من مدى انسجامها مع شروط البيئة والتعويض الإيكولوجي بحسب المعايير الدولية». وعلمت «الأخبار» بأن وزير البيئة دميانوس قطار اشترط الموافقة على الاستمرار بالمشروع بالتعويض الإيكولوجي. لكن لماذا عاد سد بسري إلى الواجهة بعد أشهر على تجميده وقيام المتعهدين بسحب آلياتهم من المرج بضغط من الناشطين والمعترضين عقب اندلاع انتفاضة 17 تشرين؟مصدر مواكب للملف قال لـ«الأخبار» إن فريق البنك الدولي في بيروت أعاد منذ نحو شهر، تحريك الملف وطلب من المؤسسات والوزارات المعنية عدداً من الدراسات والأرقام لزوم تمرير المرحلة الثانية من المشروع التي تشمل تمويل إنشاء السد والخزان. وقد «اشترط ممثلو البنك على الوزارات المعنية والحكومة الجديدة الموافقة على اقتراض مبلغ 625 مليون دولار لقاء الاستمرار بتحويل قروض أخرى». في المقابل، اقتنع عدد من المسؤولين بـ«جدوى الموافقة على الاقتراض، ليس من أجل توفير المياه لبيروت الكبرى، إنما لضخّ سيولة في البلاد في ظل الانمكاش الحاصل، بصرف النظر عن المشروع!»، قال المصدر.
المناهضون للسدّ يطالبون بتحويل أمواله إلى مواجهة كورونا ودعم الأسر الفقيرة


إذا ما صحّ دور البنك الدولي، فإنه يطرح تساؤلات عن حقيقة مهمته. هل هي محصورة بتمويل المشاريع أم برسم السياسات؟ ولماذا لم تقر الحكومة ربطاً بالقرض الجديد، خطوات عملية للحفاظ على نوعية المياه في محيط السد المرتقب وتنفيذ مشاريع معالجة الصرف الصحي الناتجة عن البلدات المحيطة بالمرج وبحوض الليطاني؟
لكل فريق نواياه في قبول القرض، كما لكل فريق نواياه في عرقلة المشروع. في هذا الإطار، قد يؤثر تبدل موقف النائب السابق وليد جنبلاط تجاه سد بسري، على مصيره. جنبلاط كان من الداعمين للمشروع وقد باع عدداً من أملاكه الواقعة في ناحية قضاء الشوف من المرج وأقنع بلديات الشوف بالموافقة. أخيراً أعلن عن مراجعة ذاتية توصل في نتيجتها إلى الإقرار بخطأ السد. لمن يعرف جنبلاط يدرك بأن مراجعته ليست عميقة، إنما ناتجة عن خلافه مع الحكومة ومع فريق النائب جبران باسيل تحديداً. ومن تداعيات الخلاف، تلويح مفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار وليد صافي (المحسوب على جنبلاط) برفض التوقيع على قرارات جديدة متعلقة بالمشروع، وفق ما علمت «الأخبار». علماً بأن صافي نفسه يملك شركة الأمن التي عهد إليها حراسة مداخل المرج ومنع الدخول إليه.
منسق الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري رولان نصور قال لـ«الأخبار» إن الناشطين لن يسمحوا للمتعهدين بالدخول مجدداً إلى مرج بسري. ولفت إلى أن تحركات المناهضين للمشروع تتركّز حالياً على التواصل مع الدول المساهمة في البنك الدولي لتحويل الأموال المرصودة لسد بسري باتجاه خطط مكافحة كورونا ودعم الأسر الفقيرة.