بند التعيينات المالية لنواب حاكم المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية، سُحبت من جدول الأعمال في بداية جلسة مجلس الوزراء اليوم. لجأ رئيس الحكومة، حسّان دياب إلى هذه الخطوة، بعد أن «كان المفروض أن يستند الاختيار إلى المعايير والخبرة والكفاءة، وليس المحاصصة السياسية. ما حصل يُخالف قناعاتي، هذه التعيينات لا تُشبهنا كحكومة تكنوقراط، وغير مرتاح أن يتقدّم المعيار السياسي على الكفاءة. هذا غير مُنصف لنا»، بحسب ما نقلت عنه وزيرة الإعلام، منال عبد الصمد، أثناء إلقاء المقرّرات الختامية. كلام دياب أظهره «مُكبّل اليدين» أمام القوى السياسية المُصرّة على استمرار المنطق القديم بإدارة الدولة، من دون أن يعفيه ذلك من مسؤولية «الشراكة» معها، طالما أنّه لم يفرض أسلوب عمل مُغايراً، وترك نفسه أسير «الأدوات» السابقة. فكيف يخرج «رئيس الحكومة» ليشكو إلى اللبنانيين «منطق المحاصصة السياسية» في تعيينات، قدّم أصلاً كلّ حزب وتيار لائحة بالأسماء والمناصب التي يُريدها؟
في النتيجة، غلب منطق تجنيب الحكومة مطبّاً إضافياً، هي غير قادرة على تحمّله في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية الحالية. وبحسب المعلومات، «أصبحت هناك قناعة لدى عدد من الوزراء، ومن خلفهم مرجعياتهم السياسية، بأنّه لا داعيَ لإقرار هذه التعيينات في الوقت الراهن».
انعقدت جلسة الحكومة بغياب وزيرَي تيار المردة، اعتراضاً على ما يراه التيار «استئثاراً» من النائب جبران باسيل بالحصة المسيحية في التعيينات المالية. وألقت الوزيرة منال عبد الصمد، البيان الختامي، فنقلت عن دياب قوله إنّ «الوضع في البلد لا يحتمل مزيداً من التناحر السياسي وتناتش الحصص. لم نشعر بوجود وعي وطني أو تخلّ عن الفكر السابق، الذي يتحمل مسؤولية ما نعيشه راهناً». شنّ دياب هجوماً على القوى السياسية، ولكنّ «اللطشة» الأكبر كانت من نصيب تيار المستقبل، الذي هدّد رئيسه سعد الحريري بالاستقالة من المجلس النيابي في حال لم يُعد تعيين محمد بعاصيري، كنائب لحاكم مصرف لبنان. «هناك من يعتقد أنّ انتفاضة اللبنانيين انتهت، ويُحاول طمس حقيقة أنّ البلد يعيش تبعات كل السياسات الماضية». أضاف أنّه «نريد العمل بصمت كي نُنقذ البلد من الانهيار، ولكن هناك من يُصرّ على فشل الحكومة لأنّ نجاحها يُظهر فشل السياسات السابقة. يبدو أن كورونا كان منتشراً في كل مفاصل الحياة في لبنان».
الحالات الجديدة التي سُجّلت في الـ24 ساعة الأخيرة بلغت 15


الحكومة التي يرأسها دياب «مُصرّة على مواجهة كل الأوبئة، والتي تكاد تكون مستعصية بسبب تجذّرها». أوضح دياب أنّ كلامه لا يعني أنّ «بعض المرشحين لا يتمتعون بالكفاءة، لكنّ المسار العام (للمفاوضات على التعيينات) لا يتوافق مع الخطط التي وضعتها حكومة التكنوقراط... هناك مسؤولية وطنية، تُحتّم أخذ الموضوع في الاعتبار»، لذلك قرّر سحب البند من جدول الأعمال، مُشيراً إلى أنّه سيتم تقديم مشروع قانون لتخفيض رواتب العاملين في هذه القطاعات المالية لأنّها مرتفعة جداً. وفي الإطار نفسه، كُلّف وزير المالية غازي وزني بمراسلة المصرف المركزي، وطلب خفض رواتب الموظفين فيه وهيئة الرقابة على المصارف والأسواق المالية.
على صعيد آخر، ناقشت الحكومة التطورات في ملفّ «كورونا»، وتحديداً عدم الالتزام بالتعبئة العامة في عددٍ من المناطق، «ما قد يضطرنا إلى اتخاذ قرارات أكثر تشدّداً ونفرض تدابير قاسية. فعلى سبيل المثال، سُجل أن شخصاً مصاباً بفيروس كورونا اختلط بتجمّع كبير في طرابلس وهذا قد يتكرر في مناطق أخرى». وحذّر رئيس الحكومة من أنّنا «ما زلنا في عين العاصفة». أما خطة العودة للمغتربين اللبنانيين، التي من المفترض أن تبدأ الأحد، «فلدينا عقبات في الإجراءات التي كنا وضعناها». كان من المفترض أن تُغادر طواقم طبية من لبنان إلى الدول التي سيعود منها المغتربون، وإجراء الاختبارات فيها، «تبيّن أنّ هذا غير ممكن، فتلك الدول لا تسمح بدخول الطواقم الطبية إليها. نحن مضطرون إلى تغيير الآلية، فنسمح للعائدين بالصعود إلى الطائرة مع فرض ضوابط صحية صارمة، على أن تتم الفحوصات في مطار بيروت، وفي ضوئها يُحدد مسار العائدين: إما الذهاب إلى المستشفى، أو الحجر المنزلي، ويتكرر الفحص بعد أسبوع». بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخفيض عدد الطائرات إلى 3 أو 4 في اليوم، «ولن نستطيع إعادة أكثر من 25% عن الرقم الذي تقرر في بداية وضع الآلية». وفي حال تبين وجود عدد كبير من المصابين في اليوم الأول، سيتم إيقاف الرحلات. وطلبت الحكومة من القطاع المصرفي أن يساعد في موضوع التحويلات.
بالنسبة إلى آخر التطورات في موضوع «كورونا»، أعلنت وزارة الصحة العامة أنّ الحالات الجديدة التي سُجّلت في الـ24 ساعة الأخيرة بلغت 15 من أصل 539 فحصاً أُجريت. أما بالنسبة إلى الوفيات، فقد توفي 4 أشخاص، ليُصبح العدد 16. وقد ارتفع العدد التراكمي للحالات المُثبتة منذ 21 شباط إلى 494 حالة.