قبل أيام، ادّعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على الخبير الاقتصادي حسن مقلّد والإعلامية جوزفين ديب بجرم القدح والذم وأحالت الملف إلى محكمة المطبوعات. القصة بدأت بعد كلام عن قيام زعيم سياسي ووزير سابق بتحويل ملايين الدولارات خارج لبنان ليُسرّب حينها اسما وليد جنبلاط ووائل بو فاعور. فأين أصبحت التحقيقات في هذا الملف؟ وهل ادعاء عون براءة لجنبلاط وبو فاعور؟ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر تورُّط زعيم سياسي بتحويل مبلغ 300 مليون دولار إلى سويسرا قبل أشهر. لم يلبث أن خرج الاسم إلى العلن: وليد جنبلاط. أُلحِق بالزعيم الوزير السابق وائل بو فاعور. وقعُ الخبر لم يكن عادياً، ولا سيما أنّ عملية التحويل «المزعومة» حصلت في ظل إقفال المصارف بعد انتفاضة ١٧ تشرين. لم يكن هناك مصدرٌ رسمي يؤكد الخبر الذي ملأ وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يتحوّل الأمر إلى كباش إعلامي بين الحزب الاشتراكي والخبير الاقتصادي الزميل حسن مقلّد الذي كشف الخبر من دون ذكر الأسماء، فيما نشرت الإعلامية جوزفين ديب على حسابها على تويتر معلومات تفيد بأنّ الزعيم المقصود وليد جنبلاط. تطوّر التشنّج إلى تهديدات طاولت مقلّد، تزامنت مع لجوء جنبلاط وبو فاعور إلى القضاء للادعاء على مقلد وديب.
القاضية عون ادعت على مقلّد وديب بجرم القدح والذم وأحالت الملف على محكمة المطبوعات. وعلمت «الأخبار» أنّ القاضية عون منحت مقلّد أسبوعين ليزوّدها بمستندات تُثبت ادعاءاته، لكنه لم يفعل، فادّعت عليه. وكشفت مصادر قضائية أنّ عون ملزمة بالادعاء كي تُحرّك الدعوى العامة كإجراء إداري، لكنّ ذلك لا يعني إدانة أو تبرئة أحد. وفيما رأت الزميلة ديب أنّ إحالة الملف إلى المطبوعات هي المسار الطبيعي لأي دعوى ضد صحافي، اعتبر الحزب الاشتراكي أنّ مجرّد الادعاء انتصار له على اعتبار أنّ مقلّد لم يُبرز أي مستند يُثبت ادعاءاته. وفي اتصال مع الوزير السابق بو فاعور، قال لـ«الأخبار»: «هدفنا ليس القصاص. هدفنا إظهار الحقيقة وادعاء القاضية عون أظهر للرأي العام كذب الادعاءات بحقّنا». وأضاف: «لقد مُنِح حسن مقلّد فرصاً عديدة لإثبات ادعاءاته. كما سافر إلى سويسرا، لكنه لم يُقدّم مستنداً واحداً يُثبت كلامه. وأنا ما زلت عند وعدي. سأستقيل وأعتزل العمل السياسي إذا كان ما يقوله مقلّد صحيحاً. وإذا لا، عليه أن يعتذر من اللبنانيين وليس مني لأنّ الحقيقة ظهرت».
مقلّد يطلب من عون سؤال هيئة التحقيق الخاصة عن التحويلات


غير أنّ لمقلّد رأياً آخر. فقد اعتبر أنّ المعركة التي شنّها كانت لإحالة الدعوى إلى محكمة المطبوعات. وأنّ ادعاء عون وإحالة الملف إلى المطبوعات ليسا سوى انتصار له. أما في ما يتعلّق باتهام بو فاعور له بعجزه عن إبراز أي مستند يُثبت ادعاءاته، فقال مقلّد: «أنا لم أُسمّ وليد جنبلاط ووائل بو فاعور في الاتهام. لا على التلفزيون ولا على تويتر. لذلك لا أساس للقدح والذم. ولست مُلزماً بإبراز شيء لناحية الأسماء»، لكنه لفت إلى أنّ «القضاء اللبناني والدولة اللبنانية بيّنا صدق ادعاءاتي لجهة حصول تحويل ٤ مليارات دولار في أيام الإقفال الرسمي. كما تبيّن حصول تحويلات إلى خارج لبنان. وهذا ثابت لدى هيئة التحقيق الخاصة». واستعاد مقلّد كلام الرئيس نبيه برّي لجهة قيام أصحاب 5 مصارف بتحويل مبالغ مالية ضخمة خارج لبنان، متسائلاً: «على القضاء أن يخبرنا إن كان بين هؤلاء سياسيون حُوِّلت أموالهم مع أصحاب المصارف». وكشف مقلّد أنّه أخبر القاضية عون أنّه لا يمكنه كشف مصادره حرصاً على سلامتهم وكي لا يُطردوا خارج القطاع المصرفي، قائلاً إنّه جاهز لتزويدها بالأيام والتواريخ التي حصلت فيها التحويلات وقيمتها ومن أي بنك إلى أي بنك ولمصلحة من، طالباً منها سؤال هيئة التحقيق الخاصة أو لجنة الرقابة على المصارف للتثبّت من حصولها. غير أنّ القاضية عون أبلغته أنّ المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات لن يسمح لها بذلك.