وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه مساء أمس، الإطار العملي لمتابعة ملفّ تهريب العميل عامر الفاخوري عبر مروحية من السفارة الأميركية، بعد قرار المحكمة العسكرية الإفراج عنه، عبر الدعوة لتشكيل لجنة تحقيق قضائية ونيابية لكشف ملابسات «الحادث الخطير» كما أسماه.ويأتي كلام نصرالله، بعد حملة هجوم على المقاومة من سياسيين وجهات ومنابر إعلامية وأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها من أصدقاء وحلفاء للحزب، وبعضها الأكبر من جهات معادية له أو على خصومة، في محاولة لتحميل المقاومة مسؤولية إفراج القضاء العسكري عن العميل الفاخوري.
وبداية توجّه نصرالله إلى جمهور المقاومة بشكلٍ عام، واضعاً توصيفاً عاماً وشرحاً للوقائع التي رافقت قضية العميل منذ توقيفه في لبنان قبل ستّة أشهر. وحذّر من «وجود شائعات وتحليلات واستنتاجات ما يؤدي الى التضليل وتشويه الصورة لدى الرأي العام، وخاصة لدى جمهور المقاومة»، مطالباً هذا الجمهور بـ«مواجهة المعركة وفهم وعي الرأي العام والثقة والإيمان بالمقاومة في مواجهة الإسرائيلي والدفاع عن البلد ومحاربة الإرهابيين».

(هيثم الموسوي)

نصرالله وبشكل قاطع نفى علم الحزب بصفقة وبوجود صفقة من أساسه، مؤكّداً: «نحن لسنا طرفاً في صفقة أو نغض الطرف عنها أو نسكت عنها. لا وجود لصفقة».
وتابع أنه «منذ مجيء العميل الفاخوري الى لبنان بدأت الضغوط الأميركية على المسؤولين اللبنانيين وتهديدات مباشرة بوضع أسماء من يرفض الإفراج عنه على لائحة العقوبات، وتهديد بوقف المساعدات للجيش اللبناني، ومنع دول العالم تقديم مساعدات للبنان»، وهذه الضغوط مارسها مسؤولون أميركيون عبر الهاتف وموفدون والسفيرتان الأميركيتان، السابقة والحالية. وأشاد بالقضاء اللبناني لـ«صموده» نصف سنة أمام الضغوط الأميركية من باب التهكّم، لكنّه حيّا القضاة الذين اتخذوا خطوات لمحاسبة الفاخوري والذين حاولوا لاحقاً تعطيل قرار الإفراج عنه.
وقال: «نحن أصحاب القضية ونحن لا نقبل بما حصل لأنه أمر خطير، ولأنه لاحقاً سيسمح للأميركي بممارسة الضغوط وتحقيق ما يريده»، طارحاً أمثلة حول احتمال مطالبة الأميركي بترسيم الحدود وغيره وإلا التهديد بالعقوبات.
وقال إنه عندما سئل حزب الله عن رأيه في إخلاء سبيل الفاخوري من قبل المسؤولين، كان «جوابنا أن هذه قضية أخلاقية وإنسانية وقضية مقاومة وقضية لله والآخرة، ولمصلحة القضاة وعائلاتهم، وبالتالي لا يجوز الخضوع للضغوط، ولكن رغم الوعود بعدم عقد جلسات قضائية بسبب كورونا، فإنني سمعت الخبر من وسائل الإعلام بإخلاء سبيل العميل فاخوري».
وتابع أنه «بالرغم من القرار القضائي بمنع سفره، إلا أن الضغوط الاميركية استمرت وقرر الأميركيون إرسال طائرة لنقله من مطار بيروت، لكن حصل اعتراض شديد وجهاز أمني أكد أنه سينفّذ قرار القضاء بمنعه من السفر، فكان أن تم تهريبه من السفارة الأميركية».
وقال إنه «بعد هذه الحادثة تم توزيع الاتهامات وطاولتني أنا شخصياً وحزب الله»، لذا «أقول إننا نحن رفضنا منذ اليوم الأول إسقاط التهم عن العميل، وسعينا كل جهدنا إنصافاً للمظلومين، ولم نظهر أي علامة تفهم أو رضى في هذا الموضوع، لأننا نحن أولياء الدم، ولم نعلم بانعقاد جلسة المحكمة التي أخلت سبيله، وكل ما أثير مبني على الشبهة لجهة أنه لا يمكن لحركة أمل وحزب الله ألا يكونا على اطلاع بما جرى». وقال إن إشاعة سيطرة حزب الله على الدولة بدأها العدو وأطلقها، وتناولها الخصم و«آسف أنه حتى بعض الأصدقاء مقتنعون بذلك».
وأكّد أنه «لا الدولة دولة حزب الله ولا الرؤساء تابعون للحزب ولا القضاء ولا المحكمة العسكرية ومثلها إدارات الدولة. وفي المعادلة المحلية هناك قوى لها تأثير أكبر منا».
وحول اقتراحات طرحها البعض ومزايدات عن الخطوات التي كان على حزب الله اتخاذها لمنع الفاخوري من الهرب، ومنها تكرار أحداث 7 أيار، شرح نصرالله أن «ما حصل يوم 7 أيار سببه قرار الحكومة يومها بنزع سلاح الإشارة لدى المقاومة»، متسائلاً: هل من المعقول أن نصطدم بالجيش؟ وهل هذا من مصلحة المقاومة، وهل هي مصلحة البلد أن نقوم كما دعا البعض الى إقامة كمين يمنع وصوله الى السفارة الاميركية؟ أو كتلك الدعوة لنا بالانسحاب من الحكومة؟
وقال: «لا نرى في الأفكار التي طرحت أي مصلحة للبلد، ونحن لا نشتغل بمزاج أو انفعالات، ونحن حزب سياسي ولدينا رؤية ونقاش ودراسات، وحيث هناك مصلحة للناس والمقاومة والبلد فإننا نقدم عليها بشجاعة». ورأى أنه «بدل توجيه الغضب على الأميركي الجلاد، تم توجيه الغضب على الضحية».
نصرالله: لسنا طرفاً في صفقة أو نغضّ الطرف عنها أو نسكت عنها ولا وجود لصفقة


وتوجّه إلى المزاودين في مسألة ما يسمّى «المعابر غير الشرعية»، معلناً أن «كل من سكت عن هذا المعبر غير الشرعي في السفارة الاميركية والذي تم منه تهريب العميل فاخوري لم يعد يحق لهم التحدث عن معابر غير شرعية أخرى».
وحول الاستمرار بتحريك قضية العميل فاخوري قضائياً، اعتبر أنه «هارب من العدالة ويجب ألا يغلق هذا الملف، وفي حالة جرائمه يمكن ملاحقته قضائياً في الخارج»، مطالباً بلجنة تحقيق قضائية ونيابية للتحقيق في القضية.
وفيما أبدى عتبه على الأصدقاء، أكد قبوله النصح والانتقاد والاقتراح من الأصدقاء بالعلن، لكنّه رفض التساهل بالتشكيك بالمقاومة، والشتيمة من الأصدقاء.
وخاطب جمهور المقاومة قائلاً: «من يتعدى هذين الحدين اللذين أشرت إليهما أخرجوه من دائرة أهل البيت». وتوجّه إلى الأصدقاء بالقول: «من الآن وصاعداً نحن في حزب الله لا نقبل من حليف أو صديق أن يتهم أو يشكك أو يشتم وإلا فليخرج من صداقتنا»، مبدياً أسفه أن «يأتي يوم أضطر فيه للدفاع عن موقف المقاومة من عميل قتل وعذب أهلنا وإخوتنا»، معتبراً أن هذا «من نكد الدهر».
أمّا في الشّق الثاني المخصّص للحديث عن وباء كورونا المستجدّ، فانتقد نصرالله بشدّة تطييف الموضوع أو تسييسه، كاشفاً عن تجهيز حزب الله كادراً بشرياً من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات ومسعفين ومسعفات يتجاوز 20 ألف شخص للمساعدة في مواجهة تهديد كورونا.
وطالب بالتشدد «في الإجراءات والعزل في المنازل إلا لمن كان مضطراً، وأن تشكل لجان تراقب وتمارس المسؤولية من لبنانيين وفلسطينيين وسوريين لمنع انتشار المرض»، ودعا الحكومة «في حال علمت أن مناطق شيعية فيها وباء مثلاً فلتعزلها»، واصفاً من يطالب باعتماد ستة وستة مكرر بأنه «عيب».

حزب الله جهّز 20 ألف عنصر من الكادر الطبي لمواجهة كورونا


وشدّد على أن «تطييف مسألة المرض أمر غير إنساني، وأخطر من كورونا على مستقبل هذا البلد»، وتمنى على الحكومة «اتخاذ أي قرار شجاع تراه مناسباً»، كما تطرق إلى مسألة السجناء، مطالباً بإجراءات مخارج لهذا الموضوع.
كما تطرق إلى المسألة الاجتماعية مشدداً على «التكافل الاجتماعي وعلى الاقتصاد في الإنفاق» معتبراً أنه «يجب التعامل وكأننا نعيش وكأننا في حالة حرب». وأعلن الأمين العام لحزب الله عن وضع إمكانات الحزب بتصرف الدولة في مجال مكافحة الكورونا وأن الحزب ستعمل فرقه في مناطق تواجده وحيث تدعو الحاجة في أي منطقة لبنانية أو مخيم فلسطيني أو مخيم للنازحين السوريين. وكشف أن جميع العائدين من طهران أو من سوريا من الحزب خضعوا للفحوصات قبل وبعد المغادرة والعودة.
وذكّر العالم بقطاع غزة المحاصر وآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي، واليمن الذي يتعرض للحصار والقصف، وإيران المحاصرة بالعقوبات الأميركية، و«كل هؤلاء يخضعون للعنصرية الأميركية وعدم اكتراث المجتمع الدولي».
وختم واصفاً الرئيس دونالد ترامب بأنه «غير بشري لأنه عنصري ويريد الموت للبشرية كي لا يعطيها لقاحات ومساعدات، إضافة إلى عنصريته تجاه الصين بقوله إن الفيروس صيني وبفرضه عقوبات عليها».