لم تخل شوارع بعلبك وأسواقها يوماً من المارة، ولم تقفل مؤسساتها ومحالها التجارية ومطاعمها وفنادقها كما اليوم. ففي أصعب الظروف الأمنية والعسكرية التي شهدتها المنطقة، وحتى خلال فترة إعلان حالة الطوارئ العسكرية فيها، لم تشهد المدينة حظر تجوال كالذي تشهده حالياً. الخوف من فيروس «كورونا» أرخى بثقله على أحياء «مدينة الشمس» وأسواقها وحاراتها، فيما حركة المرور شبه معدومة مع التزام الأهالي منازلهم إلا للضرورة القصوى التي لا تتعدى شراء بعض المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية. وحدهم عناصر بلدية المدينة توزعوا في الشوارع لرشها بالمواد المعقمة وتوزيع ملصقات إرشادية توعوية حول كيفية الوقاية من الإصابة.التزم الجميع بقرار مجلس الوزراء الذي قضى بفرض التعبئة العامة والطوارئ الصحية، لأن «بالرزق ولا بالأرواح»، على حدّ قول أبو أحمد عواضة الذي خرج أمس لشراء الكمامات والمعقمات. لكن، بالنسبة الى سائق الأجرة الأربعيني، فإن المكوث في المنزل «يعني أن لا خبز ولا أكل. مين بدو يجبلي ربطة خبز لأولادي ومين بدو يطعمينا؟».
كما هي آراء الناس متفاوتة، كذلك هي الدوائر الرسمية التي تفاوتت نسب التزامها بقرار الإقفال، وهو ما عزاه أحد الموظفين الى «ضرورة تسيير أمور الناس». وكذلك كانت حال بعض القرى؛ ففي مقابل التزام بعضها بقرار التعبئة، كانت قرى أخرى تشهد حركة كبيرة بسبب عودة كثيرين إليها قادمين من بيروت. رغم ذلك، فإن الالتزام بالقرار تفوّق على «قرارات الخرق» التي تجلت في فتح عدد من المقاهي والمؤسسات التجارية أبوابها «فقط تأمين لقمة العيش»، على ما يقول صاحب إحدى المؤسسات.
وفي مقابل هؤلاء، كان ثمة فئة ثالثة تستخف بالإجراءات، ما دفع عدداً من البلديات الى التشديد على الإرشادات وإطلاق التحذيرات بواسطة مكبرات الصوت، إضافة إلى تنفيذ الشرطة البلدية جولات على المحال التجارية لاختبار مدى التزامها بالإرشادات أو قمع المخالفات وتوجيه الإنذارات.

الـ«توك توك»: دليفري الحجر المنزلي
بسبب قرار الحجر، وجد بعض العائلات نفسه مقيّداً، ما أدى الى ازدهار عمل الـ«توك توك»، العربات الصغيرة، التي صارت وسيلة النقل الجديدة التي باتت تؤمن متطلبات واحتياجات الزبائن. مع أزمة الكورونا، أصبح الـ«توك توك» في بعض قرى غرب بعلبك الوسيلة الأكثر سرعة لتوصيلات الـ«دلفيري» إلى المنازل، والأرخص من دون منازع، «بس ألفين ليرة وبتوصلك طلباتك ع البيت»، كما تقول إحدى السيدات.