سجّلت الأسواق العالمية، أمس، تدهوراً كبيراً عند الإغلاق، على خلفية تفشي فيروس «كورونا»، والمخاوف من تأثير التدابير المتّخذة لردعه على الاقتصاد العالمي. وسيطر الهلع على الأسواق المالية فعُلّقت المداولات لـ 15 دقيقة، بعد افتتاح بورصة وول ستريت. ولم يتوقف مؤشر «داو جونز» عن التراجع عند استئناف المبادلات، فسجّل انخفاضاً بنسبة 7% نحو الساعة 13,55 ت غ. انطلاقاً من هذا الواقع، أعلن الاحتياطي الفدرالي في نيويورك عزمه على ضخّ 1,5 تريليون دولار من السيولة في الأسواق المالية الأميركية، لتهدئة حالة الهلع.وتراجعت بورصات كل من باريس وفرانكفورت ولندن وميلانو ومدريد بأكثر من 5% في التداولات الأولى. ومقارنة ببداية العام، انخفضت جميع المؤشرات الأوروبية الرئيسية بنحو 25% حتى الآن في ما يمثل انهياراً فعلياً. يأتي ذلك فيما أعلن البنك المركزي الأوروبي أنّه سيُبقي أسعار الفائدة الرئيسية من دون تغيير، في وقت خفّض فيه المصرفان المركزيان الأميركي والبريطاني أسعار الفائدة، خلال الأيام الماضية. وكان يوم أمس قد بدأ بشكل سيئ بالنسبة إلى الأسواق الأوروبية، مدفوعاً بقلقٍ مضاعف من قبل المستثمرين بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق دخول الأوروبيين إلى الولايات المتحدة، لمدة 30 يوماً، بسبب فيروس «كورونا». وشهدت بورصة باريس أسوأ تراجعٍ لها في تاريخها، حيث أغلقت على انخفاض بنسبة 12,28%. وخسر مؤشر «كاك 40» 565 نقطة، لينتهي عند 4044,26 نقطة، علماً بأنّ هذا المؤشر كان قد خسر 7,3% عند الإغلاق، يوم هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، و7,7% في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2008، في ظلّ الأزمة المالية العالمية. أما بورصة ميلانو، فأغلقت على تراجع تاريخي بلغ 16,92%، في خسارة لم يسبق لمؤشّرها الرئيسي «فتميب» أن سجّلها منذ تأسيسه عام 1998. واستقرّ المؤشر لدى الإغلاق عند 14 ألفاً و894 نقطة، محطّماً بذلك الرقم القياسي السلبي الذي سجّله في حزيران/ يونيو 2016، إثر فوز دعاة «بريكست» في الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أما بورصة فرانكفورت، فشهدت أسوأ جلسة لها منذ عام 1989، وفقدت 12,24%. وخسر مؤشر «داكس» الرئيسي في بورصة فرانكفورت 1277,55 نقطة، لينتهي عند 9161,13 نقطة، أي إلى ما دون عتبة العشرة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ عام 2016. أما مؤشر «أم داكس»، فقد خسر 10,91% لينتهي عند 20168,02 نقطة.
وأغلقت بورصة لندن أيضاً، على انخفاض بنحو 10%، في أسوأ جلسة لها منذ عام 1987. ففي 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1987، الذي يسمّى بـ«الاثنين الأسود»، تراجع المؤشر الرئيسي في بورصة لندن بنسبة 10,8%. ومنذ مطلع عام 2020، خسر هذا المؤشر نحو 30%.
في غضون ذلك، حذّر الاتّحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»، من أنّ قرار ترامب منع المسافرين من دول منطقة «شنغن» من دخول الولايات المتحدة، طوال 30 يوماً، سيُلحق ضرراً بقطاع النقل الجوي المتضرّر أصلاً بسبب تفشي الوباء، مشدّداً على أنّ شركات النقل الجوي بحاجة إلى «إجراءات طارئة». وأشار رئيس الاتحاد ألكسندر دي جونياك، في بيان، إلى أنّ وباء «كوفيد ــ 19» أدّى بالفعل إلى إفلاس شركة الطيران البريطانية «فلاي بي»، في مطلع آذار/ مارس. وأضاف إنّ «الضربة الأخيرة»، التي وجّهتها واشنطن لقطاع النقل الجوي «يمكن أن تدفع آخرين في الاتجاه نفسه».
كذلك انخفضت الأسهم اليابانية، فيما بلغت مؤشرات رئيسية أدنى مستوى في ثلاث سنوات، بسبب الهزّة التي أحدثتها الولايات المتحدة في الأسواق، وإعلان منظمة الصحة العالمية فيروس «كورونا» وباءً. وتراجع المؤشر «نيكي» القياسي 4.4% إلى 18559.63 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ نيسان/ أبريل 2017. كذلك، انتقل سيناريو الهلع إلى بورصة ساو باولو، التي تراجعت عند الافتتاح بنسبة تفوق الـ 11%، قبل تعليق المداولات للمرة الثالثة هذا الأسبوع.