«لم نصل إلى مرحلة انتشار الفيروس بعد». هي الخلاصة الأبرز التي ركّز عليها وزير الصحة العامة حمد حسن في مؤتمر صحافي عقده أمس. وخلافاً لرأي نقابة الأطباء التي اعتبرت أن لبنان دخل مرحلة الانتشار وتوقّعت ارتفاع أعداد الإصابات، أكّد حسن «أننا لا نزال في مرحلة احتواء الفيروس»، لافتاً إلى أنه «من موقع المسؤولية، لا يُمكن أن نُدلي بتصريحات من مُنطلق مغاير للواقع، بل نعكس صورة الواقع كما هو، والمعطيات التي نحصل عليها من مستشفى رفيق الحريري الحكومي مباشرة والتي يعلنها المستشفى هي التي تؤكد للناس وللمجتمع حقيقة الواقع».إلّا أن كلام حمد سبق إعلان المُستشفى، الخامسة عصر أمس، تسجيل حالتين جديدتين، الأولى لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً كانت على متن الطائرة الإيرانية الأولى التي حطّت في لبنان في 20 شباط الماضي، والثانية لرجل خمسيني وصل إلى لبنان من مصر في 21 شباط الماضي، وشُخّصت إصابته في مُستشفى المعونات في جبيل، قبل نقله إلى «الحكومي».
إدارة «المعونات» أكّدت في بيان أنها تواصلت منذ استقبالها الحالة مع وزارة الصحة «التي طمأنت إلى عدم ضرورة إجراء فحوصات خاصّة لأنّ البلد الذي جاء منه المصاب غير موبوء». ولفتت الى أنّه تم «اتخاذ تدابير الوقاية الضرورية وتم عزل المريض إلى حين صدور نتائج الفحوصات المخبرية»، وباشرت الإدارة إجراءات تعقيم جميع الأقسام و«اتخذت التدابير اللازمة للحفاظ على سلامة المرضى والزائرين والطاقم الطبي والتمريضي والإداري».
ومع تسجيل الحالة القادمة من مصر يُصبح مبرراً الاشتباه في كل الذين كانوا على متن الطائرة نفسها، كما يُفترض «ضبط» حركة الطيران القادم من مصر.
أمّا بالنسبة إلى الفتاة التي تبلغ 14 عاماً، فتُفيد المعلومات أنها «لم تلتزم الحجر المنزلي، وقد التحقت بمدرستها في بلدتها شقرا الجنوبية قبل انتهاء مدة الحظر»، بحسب مصادر وزارة الصحة. ويعزّز ذلك المخاوف التي أشارت اليها نقابة الأطباء الأسبوع الماضي حول سرعة انتشار الفيروس وعدم القُدرة على ضبطه.
المُدير العام لوزارة الصحة وليد عمّار قال في المؤتمر الصحافي إن الوزارة تتوقّع بروز حالات أخرى، «لكنّ المعيار الأساسي هو في اكتشاف الحالات في الوقت المناسب وتطويقها ومنع انتشارها»، معتبراً «أننا وصلنا إلى مرحلة ضبطنا فيها الوضع وبات الوباء في مرحلة الاحتواء، علماً أن دولاً غنية لم تتمكن من احتواء الوباء وحصل فيها انتشار محلي للفيروس». إلا أن ذلك يصبح موضع شكوك كبيرة مع تسجيل الحالة الوافدة من مصر، وخصوصاً أنها ليست من البلدان التي تمّ «رصد» الوافدين منها.
وبحسب أرقام «الصحّة»، فإنّ هناك 2848 وافداً إلى لبنان تتم متابعتهم من قبل الوزارة، وهم موزّعون على الشكل التالي: الصين: 400 وافد، إيران قبل 20 شباط: 942 وافداً، إيران منذ 20 شباط: 1230 وافداً، إيطاليا: 276. وإلى هؤلاء، هناك 64 وافداً عبر المعابر البرية من إيران، واحد من إيطاليا وواحد من الصين.
ومع تصاعد تسجيل الحالات، انتقل مُستوى «التوجّس» من الفيروس على الصعيد الشعبي إلى مرحلة أكثر جدّية تُرجمت بممارسات فردية تتعلّق بضمانة تطبيق المُشتبه فيهم لإجراءات الحجر المنزلي، فيما باشرت بعض السلطات المحلية اتخاذ إجراءات وقائية مختلفة كتعقيم دور العبادة وأماكن التجمّعات فضلاً عن تنظيم حملات توعية حول الفيروس.
تسجيل إصابتين جديدتين إحداهما قدمت من مصر في 21 الشهر الماضي


بدورها، طلبت المُديرية العامة للطيران المدني من شركة «طيران الشرق الأوسط»، أمس، المُباشرة بتعقيم مبنى محطة الركاب ومبنى الطيران العام بإشراف شركة مُتخصّصة من ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية، «وذلك ابتداءً من اليوم (أمس) ولفترة ثلاثة أشهر كإجراءات وقائية على أن تستمر عملية التعقيم هذه في حال الحاجة إلى ذلك».
وفي مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، تم تجهيز قسم معزول بالكامل في المُستشفى يتضمّن 128 سريراً في 62 غرفة، فضلاً عن 12 غرفة مزوّدة بأنظمة الضغط السلبي (negative pressure) «وهي معزولة بالكامل»، وفق رئيس مجلس إدارته فراس الأبيض، لافتاً إلى «افتتاح وحدة طوارئ جديدة ومتكاملة في المستشفى لاستقبال الحالات المتصلة بالوباء».
وأفاد المستشفى في تقريره اليومي أنه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 45 حالة في قسم الطوارئ «خضعوا جميعهم للكشوفات الطبّية اللازمة، واحتاج 15 منهم إلى دخول الحجر الصحي استناداً إلى تقييم الطبيب المراقب، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي».
ولفت التقرير إلى أنّه أجريت فحوصات مخبرية لـ51 حالة، 48 منها جاءت سلبية و2 منها إيجابية، «إذ أتت نتيجة الفحص المخبري للمُصابة الأولى بفيروس كورونا إيجابية بنسبة طفيفة، وقد أخذ الفريق الطبّي المعالج القرار بإبقائها في منطقة العزل داخل المستشفى»، ليُصبح عدد الحالات في «الحريري» 14، تُضاف إليها الحالة التي أُدخلت إلى مُستشفى المعونات. وأفاد التقرير أنه توجد حتى اللحظة 14 حالة في منطقة الحجر الصحي، «وقد غادر 9 أشخاص منطقة الحجر بعد أن جاءت نتيجة الفحص المخبري سلبية».