دياب يريد بعاصيري!
مشروع الإدارة الأميركية لتجويع اللبنانيين وتطويق حزب الله يستتبع بتدخل وقح في تعيينات النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعلى رأسهم النائب الثاني السابق محمد بعاصيري. فبعاصيري أحد أبرز المروّجين للسياسة الأميركية والمحرّضين على وضع المزيد من اللبنانيين على لوائح العقوبات. لذلك تضغط واشنطن لإعادته الى منصبه، فيما يبدو أن رئيس الحكومة حسان دياب سيرضخ لهذه الضغوط ولا سيما أن التقسيم الطائفي لنواب الحاكم يدخل بعاصيري ضمن حصة دياب.
يبدو أن دياب سيرضخ للضغوط الأميركيّة بشأن إعادة تعيين بعاصيري
وعلى قاعدة الستّة والستّة المكرر، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تمسكه بالنائب الأول السابق للحاكم، رائد شرف الدين، بالاتفاق مع حزب الله، إذا ما أعيد تعيين بعاصيري. على المقلب الدرزي، يدور الخلاف نفسه ما بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان لاختيار النائب الثالث للحاكم (جرت العادة أن يكون درزياً). التركيبة الحكومية الحالية تعطي أفضلية التسمية لأرسلان، إلا أن الحزب الاشتراكي لن يتفرّج على هذا الامتياز يُسحب من يديه ويتوقع المعنيون أن يؤجج خلافاً سياسياً. أما النائب الرابع الذي جرت العادة أن يكون أرمنياً، فلا يزال محط أخذ ورد بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحزب الطاشناق. اقتراح باسيل لاسم أرمني كاثوليكي أثار حفيظة الطاشناق الذي يريد أرمنياً أرثوذكسياً، فضلاً عن أن النائب الرابع للحاكم (المنتهية ولايته كما باقي زملائه نواب الحاكم) ما هو إلا صهر النائب هاغوب بقرادونيان ويرجّح تمسكه به هو الآخر.
انتقادات صندوق النقد
في غضون ذلك، ينتظر اللبنانيون إعلان الحكومة قرارها في شأن استحقاق دفع سندات اليوروبوند ويفترض أن يأتي سلبياً. المرحلة الأدقّ هي تلك التي ستلي هذا الإعلان، ويتوجّب خلالها على الدولة مفاوضة الدائنين لإعادة هيكلة الديون. بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت لبنان خرجت «مستاءة ومذهولة» في آن من طريقة تعاطي القوى اللبنانية المختلفة مع الأزمة الحالية. واستغرب أعضاء الوفد «عدم وجود خريطة طريق لدى المسؤولين في ما خصّ الكهرباء والقطاع العام والليرة»، فضلاً عن «خوف الحكومة الجديدة من اتخاذ الإجراءات المطلوبة وردّة فعل الشارع». وأكدت مصادر مطّلعة أن «صندوق النقد لن يقدّم رؤيته إلا في حال إرسال الحكومة خطة محددة، وإذا ما كانت هذه الخطة ترقى الى المستوى المطلوب. والصندوق ليس مستعداً لتقديم أي فكرة إلا بطلب رسمي من الحكومة اللبنانية مرفقاً ببرنامج مشروط بعدد من الإجراءات القاسية جداً» (الخصخصة، زيادة الضرائب، خفض حجم القطاع العام، تحرير سعر صرف الليرة...). وفي حال التزام لبنان ببرنامج مع صندوق النقد، فلن يحصل على قروض قيمتها أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وفق المصادر، وهو مبلغ غير كاف لحلّ الأزمة. بعض أعضاء الوفد وجّهوا انتقادات أيضاً للحكومة السابقة: «كان يجِب على الدولة اللبنانية أن تبدأ بمفاوضة الدائنين منذ العام الماضي للبدء بجدولة الدين، وقد ارتكبت خطأً فادحاً حين سدّدت سندات اليوروبوند السابقة مع علمها بأن احتياطها من العملة الأجنبية ليس كافياً، وأن هذا المسار كان لا بد من أن يصل بالبلد الى حافّة الإفلاس».