في الشكل كما في المضمون، ستمُر الذكرى الـ 15 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2020 كحدث عابِر. تحتَ وطأة التباينات التي شقّت صفوف 14 آذار، ستحضر مكوناتها إلى البيال كمن يأتي «لتقديم واجب العزاء»، بلا أي انتماء لفكرة أو روح. هذا المشهد ليسَ جديداً، ولن يكون مُفاجئاً. تكرّر ذلك في السنوات الماضية، مع فارِق أساسي هذا العام مُتمثّل بـ«خروج الرئيس سعد الحريري من السلطة ومن التسوية مع الرئيس ميشال عون». سيرتفع الصوت الاعتراضي للحريري ضد رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل… ثم يعود أدراجه هو والمدعوّون من حلفائه القُدامى كلّ إلى مملكته، حيث لم يُعد هناك من مجال لتشكيل جبهة معارضة، على الرغم من التوحد ضد العونيين.بحسب الدعوات التي وزّعت، سيشارِك نحو 3500 شخص، إحياءً للذكرى في قاعة مُقفلة. كما جرت العادة، سيتخللّها «عرض شريط وثائقي وتحية وجدانية فنية الى روح الرئيس الحريري ورفاقه الشهداء». أما على المنبر، فلن يكون لغير الحريري كلمة في هذه المناسبة. كلمة لن يجهَد خلالها رئيس تيار «المُستقبل» في تبرير «تفاهم المصالح» الذي عقده مع باسيل. عوضاً عن ذلك، فإن التوجه حتى الآن بحسب المعلومات هو «التجييش السياسي ضد التيار العوني على قاعدة تصفية الحسابات، وتبريد الخطاب باتجاه حزب الله». سيخرج الحريري «ثائراً» على باسيل في أول إطلالة «سياسية ــــ شعبية» بعد انتفاضة 17 تشرين، وهو عاد مساء أمس الى بيروت من باريس حيث كانَ ينتظر قبول طلبه للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وفي الأيام الماضية، عقد اجتماعات مع دائرته القريبة ومجموعة من المستشارين لوضع العناوين العريضة للخطاب. عناوين قابلة للتعديل وفقَ جو زيارة السعودية، إن حصلت قبل موعد الذكرى.
كانَ من المُفترض أن يحطّ الحريري في الرياض بداية الأسبوع الحالي، لكن الديوان الملكي لم يأذن له، وخاصةً أن دخوله الى المملكة مشروط باللقاء مع ابن سلمان. يقول العارفون إنه توسّط لدى بعض أصدقائه من الفرنسيين والأميركيين لتعبيد الطريق، مؤكدين أن «الطلب ليسَ مرفوضاَ، بل هو قيد البحث». قد يكون الحريري «راغباً في جس النبض السعودي تجاهه كي يبني خطابه على هذا الأساس»، وربما ينتظر ابن سلمان موقفاً منه في 14 شباط كي يقرّر إن كانَ سيستقبله أو لا، بعدما ذهب الى التسوية غصباً عن الجميع من دون ضمانات سوى عودته الى رئاسة الحكومة. لكن المؤكّد أن رئيس الحكومة السابِق يُريد أن يستعين بغطاء المملكة لمواجهة تصاعُد مكانة «المُعارضين» له في الساحة السنية. نهاد المشنوق في بيروت وأشرف ريفي في الشمال، إضافة إلى سنّة 8 آذار. وحسب ما تكشِف مصادِر مُتابعة، فإن العلاقة بينه وبين رؤساء الحكومات السابقين ليسَت على ما يُرام، فهو يحمّلهم (تحديداً) الرئيس السابِق فؤاد السنيورة، مسؤولية عدم تكليف الوزير السابق محمد الصفدي تشكيل الحكومة، وانعكس ذلك برودة في العلاقة مع نجيب ميقاتي، وفتور مع تمام سلام.
الأخير وصلته الدعوة لحضور الذكرى، على عكس السنيورة، إذ إن هناك معلومات متضاربة بشأن دعوته. حتى يوم الإثنين الماضي، لم يكُن قد تسلّمها، كذلك وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق. لكن الدعوة حطّت على مكتب الوزير السابق أشرف ريفي الذي «من المرجّح أن يحضر» كما قالت مصادره. وفيما جرى استثناء جماعة «الأمانة العامة» لـ 14 آذار، دُعي «القوات» و«الكتائب» و«الأحرار»، كذلك الحزب «الاشتراكي».