خلافاً للقانون، وبسرعة قياسية، «ينمو» جدار إسمنتي بعلوّ ثمانية أمتار في الفناء الخلفي لمبنى السفارة الإماراتية في منطقة الرملة البيضاء. سكان الشقق المجاورة للمبنى الذين يشكون سلبهم الحق في الهواء والضوء، حاولوا التواصل مع السفارة التي «تسلحّت» بحيازتها رخصة «قانونية» من بلدية بيروت.وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، تحت ذريعة الدواعي الأمنية، أعطى بتاريخ 30 أيلول الماضي ترخيصاً استثنائياً للسفارة سمح لها بتشييد «تصوينة» بعلو يراوح بين 2.85 و6.10 أمتار، علماً بأن قوانين البناء تنص على ألا تعلو «التصوينة» أكثر من ثلاثة أمتار حدّاً أقصى (مترين ونصف متر مع هامش ارتفاع نصف متر للحديد). يعني هذا أنّ «سعادة المحافظ أعطى ترخيصاً استثنائياً مخالفاً للقانون»، بحسب وكيل مالك العقار المجاور للسفارة والمتضرر من الجدار/ التصوينة، المحامي مصطفى نوفل، مؤكداً أن الأعمال على أرض الواقع تجاوزت ثمانية أمتار، «وحجبت الرؤية والضوء عن شقة موكّلي علي بيضون الذي بات محاصراً ببلوكات إسمنتية»، مُشيراً إلى لجوء بيضون إلى مختلف الطرق القانونية لوقف الأعمال من دون جدوى.
نوفل اتّهم شبيب في كتاب قدّمه إلى وزير الداخلية محمد فهمي، قبل يومين، بعرقلة تنفيذ قرار قضائي يقضي بوقف تنفيذ الأعمال، عبر الامتناع عن توقيع معاملة وقف تنفيذ القرار وركنها في «دهاليز البلدية والمحافظة» إلى حين انتهاء الأعمال لتصبح التصوينة أمراً واقعاً.
وكان مجلس شورى الدولة أصدر بتاريخ 17/12/2019 قراراً يقضي بوقف تنفيذ الأعمال المشكو منها والمرتبطة بالتصوينة، وأوقف العمل بالترخيص «لحين البتّ بالمراجعة التي لا زالت قيد التداول القضائي حتى تاريخه»، وفق ما ورد في الكتاب.
بيضون أكّد أنه أبلغ بلدية بيروت بالقرار القضائي وفقاً للأصول القانونية بواسطة المحافظ، كما أبلغها بالمعاملة المرتبطة بوجوب تنفيذ قرار وقف التنفيذ بالرخصة ووقف الأعمال (الرقم 20/2020 تاريخ 2/1/2020)، «ومن وقتها وسعادة المحافظ يضع المعاملة في الأدراج ويمتنع عن توقيعها عن سوء نية، في محاولة منه لعرقلة تنفيذ القرار القضائي، وهو له سوابق، آخرها وأشهرها ملف الإيدن باي»، في إشارة إلى المماطلة في تنفيذ القرارات القضائية بهدف إرساء البناء كأمر واقع «بحيث يصعب على أي قاض في ما بعد أن يحكم بهدم التصوينة»، بحسب نوفل. وأكد أنه «كان على المحافظ خلال حد أقصاه ٢٤ ساعة إبلاغ السفارة بوقف الأعمال إلى حين بتّ المراجعة من قبل قضاء الشورى... إلا أنه أنام المعاملة ولم يوقّع عليها ولم يبلغ السفارة، بل طلب منها الاستعجال في إنهاء الأعمال حتى يصبح القرار من دون جدوى، وهم فعلاً لا يزالون يعملون على مدار الساعة».
قوانين البناء تنص على ألا تعلو «التصوينة» أكثر من ثلاثة أمتار حدّاً أقصى


وورد في كتاب الشكوى المُقدّم الى «الداخلية» أن المستدعي (بيضون) سبق أن تقدّم بشكوى أمام هيئة التفتيش المركزي في وجه شبيب «ولم يتحرّك أي شخص أو جهاز للتحقيق في شكواه التي ما زالت في الأدراج، رغم كل المراجعات فيها مع رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي جورج عطية».
من جهتها، أوضحت دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت لـ«الأخبار» أن الشكوى (الكتاب المقدم إلى وزارة الداخلية) وصلت اليوم (أمس) إلى المحافظة، و«قد سبق وصولها منذ أيام حملة لتوزيعها على بعض مواقع التواصل في محاولة من أصحاب العلاقة للضغط على الإدارة». وأضافت أنه «في المضمون، فإن ما جاء فيها مخالف للواقع والقانون وللقواعد التي ترعى تنفيذ القرارات القضائية، ولا سيما الإعدادية أو غير النهائية منها. وأن الشكوى تضمنت قدحاً وذماً وافتراءً. وستتم ملاحقة المدّعي ووكيله وكل من نشرها وينشرها أمام القضاء، وإنزال أشد العقوبات بحقّهم»، مُشيرةً إلى أن جواب المحافظ الخطّي سيرسل اليوم إلى الوزير، وسيتمّ توضيح الحقائق.