التطبيق الالكتروني لشركة «تاتش» مُطَوَّر من قِبَل شركة «FOO SAL». التعاون بين الشركتين هو «حصيلة استراتيجية «تاتش» لدعم الشركات اللبنانية الناشئة وروّاد الأعمال، التي تتّبعها «تاتش» منذ سنوات عدة، ما انعكس نجاحاً إقليمياً للشركة، استطاعت بالتالي استقطاب استثمار خارجي من قبل مجموعة زين الرائدة في دعم الشركات الناشئة الرقمية، ما يُثبت أيضاً التزام مجموعة زين بتطوير قطاع الاتصالات في لبنان ودعم شعبه». هذا الكلام هو جزءٌ من ردّ الدائرة الإعلامية في «تاتش» على سؤال «الأخبار» عن التعاون التجاري بينها وبين «FOO». بعيداً عن «التمنين» الذي تعتمده معظم الشركات العاملة في البلد، ولا سيّما الأجنبية منها، من أنّها موجودة لـ«دعم الشعب» وتطوير قطاعات محلية ودعم الاقتصاد اللبناني، مُتناسيةً أنّ هدفها الرئيسي مُراكمة الأرباح وتعزيز خبراتها، وليس العمل الخدماتي الإنساني، القصة هنا تتعلّق بالتضارب في المصالح الواضح الذي يعكسه هذا العقد.بدأ البحث في الموضوع بعدما تبيّن أنّ «مجموعة زين»، ونائب رئيس مجلس إدارتها ورئيسها التنفيذي بدر الخرافي، والرئيس التنفيذي للعمليات المجموعة في «زين» مارك سكوت - جيجنهيمر، والرئيس التنفيذي لـ«تاتش» ايمري غوركان (استخدم جواز سفره الأميركي لتسجيل السهم باسمه وليس جواز سفره الأصلي التركي)، والرئيس التنفيذي للشؤون المالية في الشركة أسامة متى، يملكون حصصاً في شركة «FOO Trading SAL». والأخيرة تملك معظم أسهم «FOO SAL» البالغة 994 سهماً، ليتبقّى ستة أسهم موزعة بالتساوي على المُساهمين أنفسهم في «FOO Trading SAL». فهل يجوز أن توقّع شركة الاتصالات («تاتش») التي تُديرها «مجموعة زين» عقداً تجارياً مع شركة أخرى تملكها «زين» ومسؤولون فيها؟ ألا يُعدّ ذلك تضارباً في المصالح و«تحايلاً» للاستفادة عبر أكثر من مصدر من المال العام اللبناني، مرّة عن طريق عقد تشغيل «MIC 2» (تاتش) والمرّة الثانية عبر توقيع عقد تجاري لإنشاء التطبيق الهاتفي لـ«تاتش» والاستمرار في صيانته وتحديثه؟
تُجيب الدائرة الإعلامية في «تاتش» بأنّ العلاقة التجارية والتعاقدية بين الشركة و«FOO» «تعود إلى عام 2012، أي قبل استحواذ مجموعة «زين» على حصة استراتيجية في شركة FOO في 28 شباط الـ2016، وقد تمّ حينها إعلام وزارة الاتصالات بعملية الاستحواذ واتباع الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص». لا يُلغي ذلك، أنّ الدولة اللبنانية مُستمرة، عبر «تاتش»، بالدفع لشركة تجارية تملكها «زين» وبدر الخرافي، لا تزال تتولّى الصيانة وتحديث المواد وغيرهما من الأمور التقنية اللازمة، بدليل استمرار وجود علامتها التجارية على التطبيق.
وتُضيف الدائرة الإعلامية أنّه «يهمّ الشركة أن تُصحّح ما ذُكر في متن سؤالكم، أنّ السيدين بدر الخرافي وامري غوركان لا يملكان أية أسهم في شركة FOO وليسا في مجلس إدارتها وليسا مفوّضين بالتوقيع عنها، وبالتالي السيد بدر الخرافي والسيد امري غوركان ليسا مديرين عامّين في شركة FOO ولا رئيسَي مجلس إدارتها». في الشكل، ردّ «تاتش» صحيح، ولكنّه لا يكشف كامل الحقيقة. إلا إذا كانت إدارة «زين»، بالتعاون مع ايمري غوركان وأسامة متى، قد أخفوا بعض «التفاصيل» عن العاملين في لبنان. فبحسب السجل التجاري، تملك «زين فكتوريا فسيلتيز ذ.م.م» (التابعة لمجموعة «زين») 1905 أسهم في «FOO Trading SAL». ويملك فيها الخرافي سهماً، ولكنّه يشغل مناصب: مفوّض توقيع بالاتحاد والانفراد، مدير عام، رئيس مجلس إدارة. أما مارك سكوت - جيجنهيمر وايمري غوركان وأسامة متى، فلكلّ منهم سهم واحد، وهم أعضاء في مجلس الإدارة. فإذا لم يكن الخرافي وغوركان على علاقة مباشرة بـ«FOO SAL»، إلا أنّهما موصولان بها عن طريق الشركة الأمّ التي تملكها.
تولّى الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في «تاتش» مسؤوليات إدارية أخرى


في إطار «تضارب المصالح» نفسه، تظهر نقطة ثانية في «تاتش»، هي تولّي الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في الشركة، نديم خاطر، مسؤوليات إدارية أخرى منذ الـ2008 ولغاية العام الماضي. فخاطر كان مساهماً بـ15 سهماً في شركة «Pin Pay SAL» (المُتخصّصة بخدمات الدفع بواسطة الهاتف وبيع السلع والبرامج وبخدمات أخرى تتعلق بدفع الفواتير وتشريج خطوط الهاتف الخلوية. وهي من زبائن «FOO SAL»)، وشغل منصب رئيس مجلس الإدارة ومفوّض توقيع. تردّ الدائرة الاعلامية في «تاتش» أنّه «لم يسبق لنا أن وقّعنا أي عقد مع شركة Pin Pay»، موضحةً أنّ «القوانين والأنظمة التجارية لا تمنع أن يكون أشخاص أو مسؤولون أعضاءً أو مساهمين في أكثر من شركة، وذلك مع مراعاة أحكام المادتين 158 و159 من قانون التجارة في حال انطباقها». ولكن عقد الإدارة يُخالف كلام إدارة «تاتش». فتستند مصادر إدارية في «الاتصالات» إلى المادة 12 من العقد والتي يرد فيها أنّه «لا يجوز تعيين أو المصادقة على انتداب أيّ من الموظفين المُعيّنين لإدارة أو تشغيل قطاع الخلوي لأي نشاط آخر». وتسأل المصادر، كيف «إذا كانت شركة تعمل أيضاً في مجال الاتصالات. فضلاً عن أنّ نديم خاطر، هو واحد من المدراء في تاتش الموظَّفين في مجموعة زين، لذلك ما ينطبق على الشركة ينطبق عليه».
تُضاف هاتان النقطتان إلى ملفّ الاتصالات الدسم، الذي تُحقّق به الدولة اللبنانية، لتضمّنه الكثير من الوثائق والمستندات التي تتحدث عن سوء إدارة في القطاع. الشركتان العاملتان في موضع الاتهام، ومع ذلك لا تزالان تُمارسان دورهما بشكل طبيعي، «خدمةً للشعب اللبناني»، وتتأخر الدولة في استرداد إدارة «ميك 1» و«ميك 2».