في 29 آذار 2019، أقرّ مجلس النواب قانوناً يوافق فيه على إبرام اتفاق مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» يتعلق بإنشاء مكتب المنظمة الإقليمي الفرعي لبلدان المشرق. وفي ما نصت عليه الاتفاقية أن تتخذ الحكومة اللبنانية الترتيبات اللازمة لدفع أقساط سنوية قيمتها 2 مليون دولار إلى المنظمة لتغطية نفقات المكتب الإقليمي الفرعي، من دون أن توضح آلية توزيعها.في 19 أيلول، أعدّت وزارة الزراعة مشروع القرار الرامي إلى إعطاء المكتب قيمة الاشتراك البالغة قيمته 3.016 مليارات ليرة (مليونا دولار) وحوّلته إلى ديوان المحاسبة لأخذ موافقته المسبقة على صرف المبلغ، بعدما أوضحت أن المبلغ يتوزّع على الشكل الآتي: رواتب 8 اختصاصيين دوليين بمن فيهم المنسق الوطني للمكتب وتقدر بقيمة 1.5 مليون دولار، رواتب 3 موظفين وطنيين (مساعدَين وأمين سر) وتُقدّر بــ 150 ألف دولار، كلفة استشارات وسفر وتدريب وأمور مختلفة وفقاً لمتطلبات المكتب وتقدر بقيمة 350 ألف دولار. الوزير السابق للزراعة برّر صرف هذا المبلغ بما يمكن أن يجنيه لبنان من وجود هذا المكتب على أراضيه، لكنه لم يُبرّر سبب توزيع المبلغ على هذا الشكل.
ثمانية موظفين يتقاضون 1.5 مليون دولار في السنة أي معدل الراتب الشهري لكل موظف سيكون 15.600 دولار! اللافت أن ديوان المحاسبة وافق على هذا العقد بحجة أن الاتفاقية صدّقت بقانون، تضمن أيضاً قيمة النفقة. لكن في المقابل، فقد جاء في القرار أن التذرع بأن هذه الرواتب محددة بلوائح الفاو لا يشكل تبريراً نظراً إلى المبالغة في تحديد عددهم. كما توقّف الديوان عند تحمّل لبنان كلفة رواتب المنسق الإقليمي الفرعي، الذي يمثّل المنظمة، والذي يقتضي أن تدفع بنفسها راتبه وليس الدولة اللبنانية (المادة الرابعة من الاتفاقية). كذلك يتطرق الديوان إلى القيمة المرتفعة لرواتب الموظفين المحليين (50 ألف دولار سنوياً لكل موظف)، مشيراً إلى أن رواتبهم تفوق رواتب المديرين العامين في الإدارة اللبنانية. وتساءل عن سبب تحديد هذه الرواتب بالدولار بالرغم من أنها تعود لموظفين لبنانيين، وبالرغم من أنها غير محددة في لوائح الفاو.
ديوان المحاسبة: ميزانية مكتب «الفاو» لا تراعي مصالح الدولة اللبنانية


ويختم الديوان ملاحظاته بالشك بجدية توزيع المبلغ ومراعاته لمصالح الدولة اللبنانية والحفاظ على مالها العام، متسائلاً عن جدوى تخصيص 350 ألف دولار بدل استشارات وتدريب وغيرها، فيما يشير بند آخر إلى التعاقد مع ثمانية مستشارين بقيمة 1.5 مليون دولار.
في خلاصة القرار الذي أصدرته الغرفة التي يرأسها القاضي مروان عبود وتضم القاضيتين لينا حايك وبولا اسطفان في 24/12/2019، وصدّقه رئيس الديوان محمد بدران في 31/12/2019، الموافقة على المشروع مع اشتراط الأخذ بالملاحظات الواردة في بناءات القرار وتعديل الاتفاقية والمذكرات التطبيقية لها بما يتلاءم مع ذلك، وخاصة لجهة رواتب الاختصاصيين والموظفين المحليين والدوليين.
كما أقر الديوان توصية مندوبة الإدارة وضع تقارير فصلية وإبلاغه بجميع النفقات المصروفة وفقاً لهذه الاتفاقية، وخاصة المتعلق بالرواتب وعدم التعاقد مع أي موظف أو خبير محلي أو دولي قبل عرض الموضوع على رقابة ديوان المحاسبة.