منذ سنوات، ذاع صيت صفحة «وينيه الدولة» على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكّنت من تحقيق نسبة متابعة عالية من جرّاء نشرها فيديوات حصرية لأحداث ومخالفات قانونية كثيرة، إذ يتابع الصفحة نحو 346 ألف شخص، وهي باتت مرجعاً لغالبية المواقع الإخبارية الإلكترونية.ورغم أن اسم «وينيه الدولة» يوحي بأن من وراء هذا الموقع يرصدون كل ما هو غير قانوني ويضعونه برسم «الدولة الغائبة»، داعين إياها الى التحرك، غير أن الصفحة ومَن وراءها لم يتوانوا، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، عن مخالفة القانون وصولاً الى التحريض وانتهاك الخصوصيات، فضلاً عن التحريض من خلفيات سياسية. وبلغ هذا الدور ذروته مع نشر أرقام هواتف أشخاص ظهروا في فيديوات محددة مع أسمائهم وعناوينهم، حتى بدا مَن وراء الصفحة كمن يحرّضون علناً على الإيذاء الجسدي.
أمس، نشرت صفحة «وينيه الدولة» على موقع فايسبوك فيديو يظهر موظفة في مؤسسة كهرباء لبنان، وهي تشير بإصبعها الأوسط نحو متظاهرين كانوا معتصمين أمام مبنى المؤسسة احتجاجاً على التقنين الكهربائي القاسي. القائمون على الموقع أرفقوا الفيديو بالطلب من متابعي الصفحة المساعدة في التعرّف الى السيدة، قبل أن يعمدوا الى نشر اسمها الثلاثي وصورها وعنوان سكنها ومكان عملها، إضافة الى رقم هاتفها، مجاهرين بأنها «وقعت في قبضة» الصفحة… هكذا، تحول هذا الموقع الإلكتروني الى «مخبر علني» يقتحم الخصوصيات ويحرّض على الإيذاء، من خلال نشر أرقام هواتف وعناوين مفصّلة لأشخاص قد يتحوّلون في أي لحظة إلى ضحايا.
مَن وراء الصفحة يبدون كمن يحرّضون علناً على الإيذاء الجسدي


ولو اكتفى المسؤول عن هذه الصفحة بالإضاءة الإعلامية على المخالفين، محمّلاً القوى المعنية مسؤولية ملاحقتهم وضبطهم، لكان الأمر مقبولاً ومنطقياً وضمن إطار العمل الصحافي. لكنّ الأمر تخطّى القيم الأخلاقية للمهنة، وبات يشكِّل جُرماً جزائياً يرقى الى حدّ التحريض على القتل. فأين القضاء ممّا يجري؟