من إشكال بين المتظاهرين وقوى مكافحة الشغب في فرع مصرف لبنان والمهجر في حلبا (عكار)، الجمعة الماضي، تحوّل المتظاهر جهاد إبرو إلى موقوف بتهمة «محاولة القتل العمد لضابط في قوى الأمن»، هو آمر فصيلة درك حلبا النقيب عبد العزيز دياب.متظاهرو حلبا عمدوا منذ بدء الانتفاضة إلى إقفال المؤسسات العامّة بشكل شبه يومي، والاعتصام داخل فرع المصرف المذكور كان واحداً من أشكال احتجاجهم على تعرّض المصارف لصغار المودعين. الاعتصام نُفِّذ صباح الجمعة داخل المصرف، حيث بقي المعتصمون مع عدد قليل من الموظّفين حتى المساء. بعد السادسة دخلت قوّة من مكافحة الشغب لإخراجهم بالقوّة، فوقع إشكال كبير. أحد المتظاهرين يروي لـ«الأخبار» أن «جهاد كان من بين المصابين بهراوات مكافحة الشغب، وكذلك الكابتن دياب!... القوّة ضربت المتظاهرين وكسّرت البنك، حتى الدرك تصاوبوا معنا. بعد لحظات من مغادرة قوة مكافحة الشغب وانسحابها نحو 200 متر بعيداً من الموقع، حصل إطلاق نار لم نفهم سببه، ربما أطلقه العناصر. هرع النقيب أولاً لمعرفة سبب إطلاق النار، فأصيب بضربة بين المحتشدين». المفارقة، وفق المتظاهر، أن «النقيب دياب صحبة مع المتظاهرين. كنا نراه يومياً خلال اعتصاماتنا، حتى إن المعاينة الأولى التي تلقّاها كانت في خيمة الصليب الأحمر في ساحة اعتصامنا».
في اليوم التالي للإِشكال، أوقفت دوريّة من شعبة المعلومات في الشمال إبرو وحقّقت معه للاشتباه في مشاركته في ضرب الضابط، وأحالته إلى المحكمة العسكريّة حيث قبع في نظارتها حتى يوم أمس. وادّعت النيابة العامة العسكريّة عليه بالمواد 549 معطوفة على 201 عقوبات، بجرم محاولة قتل الضابط دياب عمداً. جلسة التحقيق الأولى معه حُدِّدت صباح أمس، وانتهَت قبل وصول المحامين المتطوّعين للدفاع الذين أُبلغوا أن الموقوف «رفض حضورهم»! عُقِدت الجلسة الثامنة والنصف صباحاً، استَمع خلالها قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوّان إلى إبرو، وأصدر بحقِّه مذكّرة توقيفٍ وجاهيّة وأحال ملفَّه إلى النيابة العامة للمطالعة. وأودِع الموقوف سجن قيادة الشرطة العسكريّة في الريحانيّة.
علامات استفهام عديدة يطرحها المحامون في لجنة المحامين حول سبب تبلّغهم رفض إبرو حضورهم، علماً بأن اثنين منهم التقياه حال توقيفه لدى «المعلومات» في سراي طرابلس، ولماذا إجراء الجلسة باكراً قبل وصولهم والسرعة في إتمام التحقيقات، كما يحاولون فهم السبب الذي دفع الموقوف إلى «الإصرار على اعترافاته بمحاولة ضرب الضابط بآلة حادّة».
شهود عيان من المتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاج شرحوا لـ«الأخبار» أن الموقوف «من طرابلس وأمّه من حلبا، وربما وُضعت القصّة برقبته، إذ لم يكن هو من تعرّض للضابط، ويسألون عن إمكانيّة تعرّض الشاب لضغوط، سواء من مشتبه فيهم آخرين للتغطية عليهم، أو للضرب والتهديد خلال التحقيق»، ويسألون «كيف باتت القضيّة محاولة قتل، فيما الضابط المذكور كان بحالة جيّدة في المستشفى بعد الإشكال، وثمة صورة نشرت عبر مواقع إخبارية عكارية تؤكّد ذلك؟». هذه الأسئلة تبقى من دون إجابات إلى حين لقاء المحامين بالموقوف في سجن الشرطة العسكريّة.
متظاهرو حلبا نفّذوا اعتصامات وقطعوا الطرقات خلال الأيام الماضية، مطالبين بالإفراح عن إبرو. كذلك أُلغيت وقفة تضامن معه أمام المحكمة العسكريّة، كان دُعي إليها أمس، بعد تبلّغ المنظمين نتيجة جلسة التحقيق. بانتظار صدور القرار الظنّي، قد يتحوّل متظاهر حلبا الموقوف إلى أوّل متظاهر يُتّهم بجناية، بدلاً من جنح الضرب والإيذاء والمسّ بهيبة الدولة التي يُتّهم بها الناشطون عادةً في مواجهاتهم مع القوى الأمنيّة.