ما إن انتهت الاستشارات النيابية بتكليف حسان دياب لرئاسة الحكومة، حتى «اشتعل» الشارع مجدداً. قطع للطرقات في بيروت أمام منزل الرئيس المكلف في تلة الخياط وقصقص وعائشة بكار وفردان والحمرا وطريق الجديدة، وفي دوار إيليا في صيدا، وفي تعلبايا وسعدنايل والمرج وأوتوستراد زحلة وكامد اللوز ــــ جب جنين في البقاع، وفي أنطلياس والدورة في المتن الشمالي والبداوي والمنية والعبدة وساحة النور في الشمال. «الثوار» المفترضون لم يكونوا سوى أنصار تيار المستقبل الذين طالبوا علناً ومن دون مواربة بعودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، رافضين تكليف أي مرشح آخر. سريعاً، انطلقت الهتافات الطائفية التي تدعو الى تمثيل الطائفة السنية وسط سيل من الشتائم لجموع غاضبة من «إسقاط الشيخ». الهتافات والشعارات وصلت الى ساحة الشهداء التي افترشها أنصار «المستقبل» هذه المرة، مشيرين الى أنهم اليوم ليسوا حزبيين بل نزلوا بصفتهم «الثورية» ليطالبوا «بعودة الحريري، ممثل السنّة الى السلطة»! علماً بأن حرق الإطارات وقطع الطرقات في المتن الشمالي تولاهما حزب الكتائب المعترض هو الآخر على تسمية دياب، وبدأ مناصروه منذ صباح أمس الباكر بشتم دياب على وسائل التواصل والتسويق لـ«حيادية» السفير نواف سلام. لاحقاً، ساهمت تغريدة الحريري الداعية الى رفض أي دعوة للنزول الى الشارع أو قطع الطرقات بسحب بعض جمهوره.في المقابل، بدا الشارع خالياً نسبياً من المتظاهرين اليوميين. وحتى ليل أمس، لم يكن قرار المجموعات المدنية قد اتخذ بعد حيال التحركات المقبلة، فيما عقدت اجتماعات متتالية للوصول الى قرار مشترك. وانقسم هؤلاء الى ثلاث فئات: قسم يرى أن اسم دياب ليس مستفزاً بمعنى تجرده السياسي، بالإضافة الى كلامه الإيجابي حول رغبته بالعمل مع الجميع وعلى رأسهم الحراك والمستقلون لتشكيل حكومة اختصاصيين، وهي «بادرة إيجابية يفترض انتظار استكمالها في الأيام المقبلة بالإعلان عن برنامجه الحكومي ورؤيته الاقتصادية للخروج من الأزمة، وكذلك الأسماء التي يعتزم توزيرها حتى يبنى على الشيء مقتضاه».
خلت الشوارع ليل أمس لأنصار تيار المستقبل الغاضبين من تكليف دياب

ففي النهاية، «نحن الذين طالبنا باستشارات نيابية وبحكومة اختصاصيين ويفترض منحه فرصة لمعرفة خطته الحقيقية». ويؤكد هؤلاء أنهم غير معنيين بما جرى أمس في الشارع «ولن نكون مطية للحريري». والأهم أن «الميثاقية ليست مطلبنا»، مطالبين المستقبليين بالكشف عن أنفسهم وعدم التلطي وراءهم. في مقابل هؤلاء، قسم آخر يعارض التكليف «المبني على نكايات بين الأطراف السياسية. ومثلما رفضنا الحريري نرفض دياب لأنه ناتج من لعبة السلطة». وعليه، «سندعو الى رفض التكليف وننظّم تحركات شعبية رافضة لمن عجز عن إدارة وزارة التربية وسُلّم اليوم إدارة البلد». الفئة الثالثة لا تنكر أن «استبعاد الحريري إنجاز كبير، لكنها تحمل في الوقت عينه مسؤولية كبيرة للنواب الذين لم ينتخبوا أي مرشح وتخلّوا عن مسؤولياتهم، وعلى رأسهم القوات». رفضهم لدياب ليس مماثلاً لطريقة رفض المرشح السابق سمير الخطيب. لذلك سينتظرون «يومين أو ثلاثة» الى حين اتضاح الصورة، رغم معرفتهم المسبقة أن «التشكيل لن ينجز، وما اللعبة سوى للاستمرار بتصريف الأعمال». ذلك لا يعني أن هذه المجموعات ستخرج من الشارع، بل ستبقى لتشكل ضغطاً على المعنيين، وهي في صدد مراقبة كل تفاصيل التأليف منذ صباح الغد لتواجه أي خطأ في اللحظة نفسها.
وقد عقد اجتماع بين المجموعات أمس لم يفضِ فعلياً الى أي قرار حاسم. وتم الاتفاق على إصدار بيان مشترك واستكمال الاجتماعات، وخصوصاً بعد تمادي أنصار الحريري بقطع الطرقات ونصب الخيم في بعض المناطق، الأمر الذي شكل رادعاً أمام اتخاذ المتظاهرين أي خطوات احتجاجية على الأرض حتى لا تتداخل تحركات قوى السلطة مع تحركاتهم أو يحصل أي احتكاك.