يبدو أبو معروف بعيون مناصريه كالنقطة في بحر. يتمنون أن يأخذ ابن شهيد الصيادين والفقراء حقه. هذا في العواطف، أما في الواقع، فيقول سعد: «دعونا نركز على المشروع الذي أطرحه منذ سنوات: التحرر الوطني شرط متلازم للتحرر الإنساني والحقوقي والمطلبي». في الجزء الأول من مشروعه أي التحرر الوطني الذي يبدأ بدعم المقاومة ضد العدو الإسرائيلي وحلفائه في الخارج والداخل ولا ينتهي بالقضية الفلسطينية، يجد سعد حلفاء ورفاقاً كثيرين يجابهون معه في الميدان. أما عندما تنتقل المواجهة إلى التحرر المطلبي، فيغدو الرجل وحيداً. يتحاشى أن يسمي حلفاءه بالاسم، لكنه لا يفاجأ بتمسكهم بمقاربتهم للأزمة الداخلية التي لا تخلو من الاعتبارات الطائفية.
أزمة سعد ليست في بقائه وحيداً، بل في عجز الانتفاضة (كما يحرص على تسميتها) عن أن «تخلق وزناً سياسياً لها ورؤية وبرنامجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً للتغيير الديموقراطي لا يبدأ بالفساد ولا ينتهي بالعلاقة مع سوريا». يدعو القوى السياسية الوطنية المعارضة إلى أن تتواصل مع المجموعات المعترضة من أجل تشكيل جبهة عريضة للمعارضة الوطنية الشعبية لفرض ميزان قوى جديد في لبنان يفتح مسارات للتغيير والانتقال بسلام. لكنه يقرّ بأن السلطة برغم تخبّطها بعد الانتفاضة، لا تزال ترفضها ولا تعترف بها. يحصر الحل للخروج من الأزمة: بـ«مرحلة انتقالية سلمية وآمنة تعالج مختلف الملفات لحفظ الوطن».
حلّ الأزمة بمرحلة انتقاليّة سلميّة وآمنة تعالج مختلف الملفّات لحفظ الوطن
يملك أبو معروف مشروعاً تغييرياً يسع الجميع من مختلف المناطق. لكنه يدرك بأن المطبات أكبر منه، ليس بين منطقة وأخرى فقط، بل بين حي وآخر. بينما يفاخر صيداويون بأن نائبهم الوحيد الذي لا يشمله عقاب «كلن يعني كلن»، لا يتوانى آخرون من أبناء إيليا، ولا سيما أولئك الآتين من أصول «مستقبلية»، بأن يهاجموه ويتهموه بالسعي لوراثة آل الحريري. فيما عاب بعضهم عليه صلاته التي لم تنقطع بحزب الله. احتار الرجل بأمر الثوريين الذين يجدون المقاومة ضد إسرائيل وأميركا نقيضاً لمحاربة الفساد. كما احتار بأمر السلطويين الذين اتهموه بقلّة الوفاء لحلفائه في الحكم عندما مارس قناعاته التي لم ينقطع عنها يوماً.
يرفض أبو معروف الشخصنة. له مزاج خاص في الزعل والرضى. الضغط الذي تعرض له دفعه إلى الاعتكاف ليستريح من «الطوشة». يوم ونصف يوم ليس أكثر دام اعتكافه. سريعاً، عاد ليستكمل مسيرة «خط معروف». برغم علمه المسبق بهجوم بعض ثوار إيليا عليه، لم يتردد في المشاركة باجتماع في منزل رئيس بلدية حارة صيدا سميح الزين مع ممثلين عن حزب الله وحركة أمل ليحمي ظهر الاعتصام. حاول قطع الطريق على شائعات عن نية شبان من الحارة الهجوم على الساحة، انعكاساً للاحتقان المذهبي «بين السنّة المعارضين والشيعة السلطويين». وعندما نسب له منع «بوسطة» الثورة من عبور جسر الأولي، نزل بنفسه ليفتح الطريق أمامها، برغم عدم حماسته لها. يتهرب من الرد عما تعرّض له. جلّ ما يعنيه استمرار التحركات الشعبية في صيدا والمناطق، في ظل قلق شديد على تدهور الوضع الأمني. يذكّر دوماً بأن المشروع الإصلاحي للحركة الوطنية انتهى بحرب أهلية عام 1975.