يواجه حراك صور تحدّي الإلغاء. على نحو تدريجي، خفت وهج الاعتصام المفتوح عند دوار الاستراحة على مدخل المدينة الجنوبي. قلّ عدد المشاركين. انسحب البعض، وقاطع البعض الآخر. القلة منهم يئست وتعبت بعد مرور أكثر من عشرة أيام من دون نتيجة. لكن الغالبية أجبرت على الانسحاب. لم يكن كافياً الاعتداء على المتظاهرين والظهور المسلح من قبل مناصرين لحركة أمل في اليوم الثالث للتحركات، بل عمد نافذون ومسؤولون في «أمل»، في بعض بلدات المنطقة، إلى منع الناس من المشاركة في التظاهرة، بالترغيب وبالترهيب، ولا سيما التهديد بالطرد من الوظيفة. بعض الذين عبّروا عن آرائهم المنتقدة لحزب الله و»أمل» عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعرّضوا للتهديد، من بينهم من يقيم خارج لبنان. إلا أن أثقل أشكال الترهيب التي يواجهها الحراك، الاستدعاءات التي قامت بها القوى الأمنية واستخبارات الجيش للعشرات ممن شاركوا في التظاهرات. ووفق أحد المستدعين، خضع للاستجواب لدى القوى الأمنية حول سبب مشاركته في التظاهرة ومشاهداته عن حادثة إحراق استراحة صور السياحية ليل الجمعة في 18 تشرين الأول الماضي. وفي ملف الـ«رست هاوس»، بلغ عدد الموقوفين لدى الجيش نحو 17 شخصاً من بين لائحة تضم حوالى 60 شخصاً. وتعليقاً على الاستدعاءات، أصدر حراك صور بياناً أعرب فيه عن «مفاجأته من قيام مخفر صور لعشرات الشباب للتحقيق، ومنهم من هو قاصر وبينهم حالات مرضية. والأخطر أسلوب التحقيق الغريب ذو الدلالة المخيفة التي تظهر تدخلاً سياسياً واضحاً من أحزاب السلطة من خلال توجيه أسئلة للموقوفين عن مواقفهم على وسائل التواصل الاجتماعي». واعتبر الحراك أنه «لا يجوز بحجة الاعتصام والمشاركة في حقوق مطلبية، استدعاء من شارك في الاعتصامات، والأجدى التحقيق مع من قصّر في أداء واجبه بحماية الممتلكات العامة والخاصة من تخريبٍ قام به بعض المندسين». ودعا المتظاهرون الى الاعتصام عند العاشرة من صباح اليوم أمام مخفر صور.النبطية تتحدى أشكال الترهيب والتضييق على اعتصامها اليومي. تحت المطر، جدّد العشرات يوم أمس وقفتهم أمام سراي النبطية، بعد أن رفضت بلدية النبطية السماح لهم بنصب خيمة إلى جانب الطريق تقيهم من المطر. وكانت قد تلكأت في تنفيذ وعدها بإنارة الشارع ليلاً إلى حين انتهاء التجمع كالعادة حوالى الساعة الثامنة مساء. تأطر حراك النبطية ضمن لجنة وضعت برنامجاً يومياً لاستثمار ساعات التجمع بأنشطة مختلفة كالندوات التثقيفية والرسم. في كفررمان، يتضح يوماً بعد يوم الخلفية الشيوعية والإيديولوجية للمشاركين. وضوح المطالب ونوعية الأنشطة اليومية التثقيفية تحت خيمة الاعتصام المفتوح يذكران بـ«جلسات الشاي» التي كانت تقام في القرى النائية لمناقشة الفكر الاشتراكي والتنوير ضد الإقطاع. صباحاً، نفّذ القيّمون على الحراك وعدهم للجيش اللبناني وأزالوا الخيمة التي كانت منصوبة في وسط دوار كفررمان ونقلوها إلى جانب من الرصيف لاستئناف حركة السير. أما مساءً، فقد نظّموا ندوة تحدث فيها الخبير الاقتصادي غسان ديبة. لجنة التنسيق تشكلت، وورقة المطالب ثبتت فوق الخيمة، أولها «رحيل الحكومة، كمقدمة لرحيل كل فاسد في الطبقة الحاكمة، ومن بعدها إقالة رياض سلامة، ورفض كل أنواع الخصخصة، ومراجعة كل مداخيل وإنفاق صناديق الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب والمهجرين».
دعا المتظاهرون إلى الاعتصام عند العاشرة من صباح اليوم أمام مخفر صور


في صيدا، يوازن الحراك بين ناشطي المجتمع المدني والعقائديين المخضرمين في التنظيم الشعبي الناصري والحزب الديموقراطي الشعبي والقوى الوطنية. صباحاً، أغار عدد من الشبان على المفاصل الرئيسية للطرقات في المدينة. أقفلوها فجراً بأجسادهم قبل أن يزيحهم الجيش مستخدماً القوة والعنف، واعتقل عدداً منهم قبل أن يطلق سراحهم مساء. وخلال النهار، عند الاعتصام المفتوح في تقاطع إيليا، تتولى اللجان المنبثقة عن لجنة الحراك توزيع وجبات الطعام التي تعدّها سيدات صيداويات تبرّعن بها إلى المتظاهرين، وخط الشعارات وجمع النفايات. وحوالى الساعة الخامسة مساءً، يبدأ التجمع الشعبي الذي لم يتغيّر حجمه أمس في الليلة الثانية عشرة للحراك، على وقع الأناشيد والأغاني الثورية. المتظاهرون، على تنوّع خلفياتهم، متوافقون على مطلب محدد للخروج من الشارع: «استقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية انتقالية».