على وقع الأنباء عن اقتراب لبنان من ”انهيار داخلي“ وفق تعبير مدير محفظة ”أبردين ستاندر“ فيكتور سابو لـ«رويترز»، تستعد وزارة المال لإطلاق إصدار سندات يوروبوندز بقيمة تصل إلى 4 مليارات دولار يتوقع أن يكتتب فيها مصرف لبنان والمصارف المحلية وفق صيغة متفق عليها مسبقاً.هذه الصيغة، بحسب المعطيات المتداولة بين المصرفيين، ستتوزّع، بشكل مبدئي، على النحو الآتي: يكتتب مصرف لبنان بسندات قيمتها 1.63 مليار دولار، وتكتتب المصارف بسندات قيمتها 2.15 مليار دولار.
هذا التوزيع مبني على نتائج مقاصة ستجري بين مصرف لبنان ووزارة المال. فالمركزي سدّد عن الدولة اللبنانية استحقاقين لسندات يوروبوندز في 2019 على النحو الآتي:
- الأول أصدر في 2013 لمدة 6 سنوات واستحق في أيار 2019. قيمته الإجمالية 500 مليون دولار وفائدته السنوية تبلغ 5.5%، أي ما قيمته 27.5 مليون دولار سنوياً وما مجموعه 165 مليون دولار.
- الثاني أصدر في 2011 لمدّة 8 سنوات واستحق في نيسان 2019. قيمته الإجمالية 650 مليون دولار وفائدته السنوية 6%، أي ما قيمته 39 مليون دولار سنوياً، وما مجموعه 312 مليون دولار.
ما سيحصل عملياً، هو أن مصرف لبنان سيستعيد قيمة ما سدّده عن وزارة المال من خلال حصوله على سندات يوروبوندز جديدة بقيمة 1.6 مليار دولار وبفائدة تتراوح بين 11% و12% من دون أن يدفع في المقابل أي قرش. ويرجح أن يقوم مصرف لبنان بعرض السندات الجديدة للبيع في السوق الدولية لتسييلها والحصول على مبالغ إضافية يضخّها في احتياطياته بالعملات الأجنبية.
أما المصارف، فيرجّح أن تكتتب بقيمة موازية للسندات التي تستحق في تشرين الثاني 2019 البالغة 1.5 مليار دولار وفوائدها البالغة 654 مليون دولار. وبما أن المصارف ليس لديها السيولة للاكتتاب بهذه المبالغ، فمن المتوقع أن يحرّر لها مصرف لبنان شهادات إيداع بقيمة موازية لقيمة السندات الجديدة. الشهادات المحرّرة هي عبارة عن مبالغ أودعتها المصارف لدى مصرف لبنان مقابل حصولها على شهادات إيداع. معدل الفائدة على هذه الشهادات يبلغ 7%، فيما يتوقع أن تكون الفائدة على الإصدار الجديد بما يتراوح بين 11% و12%، أي إن المصارف ستضاعف أرباحها من خلال هذه السندات. وفي المقابل، فإن المبالغ بالدولار التي تجمعها الدولة اللبنانية من الإصدار الجديد ستودعها في حساباتها لدى مصرف لبنان.
عملياً، ما حصل هو نقل الكلفة التي كانت مترتبة على مصرف لبنان جراء إصدار شهادات الإيداع بالدولار، بعد تضخّمها بسبب ارتفاع أسعار الفائدة ضعف ما كانت عليه، إلى وزارة المال وسيتم تسجيلها مع الدين العام. الوفر المتوقع على مصرف لبنان يبلغ 210 ملايين دولار سنوياً، ما يخفض التراكم السلبي في احتياطيات مصرف لبنان، لكن في المقابل سترتفع كلفة الفائدة على الدين العام بالدولار بقيمة تصل إلى 450 مليون دولار سنوياً، وهي ناتجة عن الفوائد المترتبة على مجمل الإصدار بمعدل 12% على ما مجموعه 3.78 مليار دولار (1.6 مليار لمصرف لبنان، و2.15 مليار دولار للمصارف).
مخاوف أجنبية من أن لبنان مقبل على انهيار داخلي


وهناك معطيات متداولة عن أن مصرف لبنان سيكتتب بسندات بالليرة اللبنانية بفائدة 1% قيمتها توازي قيمة اكتتابه في الإصدار الجديد، إلا أن الوفر المحقق من هذه العملية لوزارة المال لا يزال أقلّ بكثير من الوفر المحقق لمصرف لبنان، فضلاً عن أن خدمة الدين العام بالدولار ستزداد بقيمة سنوية كبيرة تبلغ 450 مليون دولار.
وإذا تمكّنت المصارف من تسويق السندات الجديدة وبيعها في الخارج أو الاستدانة عليها من صناديق استثمارية أجنبية، فإن مصرف لبنان سيدخل الناتج من هذه العمليات في هندسات بالليرة اللبنانية تحقق للمصارف أرباحاً إضافية بمعدل فائدة يتراوح بين 10% و11%.
وكانت ”رويترز“ قد أعدّت تقريراً تشير فيه إلى أن لبنان ”قد يحتاج إلى دعم من المصارف المحلية أو حتى دول الخليج الصديقة للاكتتاب في إصدار جديد لسندات دولية، بينما يبدو المستثمرون الأجانب عازفين عن الشراء، مشيرين إلى قائمة طويلة من المشاكل لبلد مثقل بالديون“. ولفتت إلى أن ”الاستجابة الدولية تبدو فاترة، حيث يميل مديرو الصناديق إلى الاحتراس من وضع أموال في دولة مثقلة بأحد أكبر أعباء الديون في العالم، وتسعى جاهدة للتغلب على العديد من مواطن الخطر المحلية والجيوسياسية“. فقد صرّح مدير محفظة «أبردين ستاندرد»، فيكتور سابو قائلاً: ”يبدو أنهم يقتربون أكثر فأكثر من انهيار داخلي“.
وبحسب إحصاءات جمعية المصارف، فإن الاستحقاقات على لبنان في الفترة الآتية ستكون مكثفة. فهناك استحقاقات ديون بالعملات الأجنبية بقيمة 1.5 مليار دولار تستحق في تشرين الثاني من السنة الجارية، وهناك استحقاقات في السنة المقبلة بقيمة 2.5 مليار دولار.