فيما كان مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة الإرهاب مارشال بيلنغسلي، يعبّر - في بيروت - عن «قلقه» نتيجة صعوبة الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وردت الى بيروت معلومات عن نتائج زيارة الرئيس سعد الحريري الى باريس، وفيها أن تقرير الموفد الفرنسي الخاص ببرنامج «سيدر» بيار دوكان كان سلبياً جداً، وأن الفرنسيين يظهرون خشية من تردد الحكومة في تنفيذ الاصلاحات. ونقل مصدر مصرفي عن معنيين بزيارة الحريري أن الاخير سمع كلاماً واضحاً عن ملف الكهرباء، وأنه طالما لم تباشر الحكومة بإجراءات كتعيين مجلس إدارة جديد والهيئة الناظمة وايجاد الاطر لاجراء المناقصات بشفافية وحصر الانفاق بالوزارة وليس بأي صندوق مشكوك فيه، فسيكون من الصعب المباشرة بتنفيذ برنامج «سيدر».
الحريري يريد إدخال تعديلات كبيرة على مشروع موازنة 2020 (دالاتي ونهرا)

وقال المصدر إن الغربيين يتركون الأمر لفرنسا التي تشدد على ضرورة مباشرة الحكومة إجراءات للحد من نزيف لبنان المالي، واتخاذ خطوات تمنع استيراد جزء كبير من الكماليات التي تجعل الميزان التجاري مُختلا الى هذا الحد. كما أن «المراقبين» الخارجيين ينتظرون اجراءات على صعيد زيادة سعر الكهرباء وتقليص الانفاق في القطاع العام لجهة التوظيفات والمشاريع غير المنتجة. وأضاف أن الحريري باشر فور عودته الى بيروت لقاءات واتصالات بهدف إدخال تعديلات كبيرة على مشروع موازنة 2020 تسمح بالحصول على قروض «سيدر». في وقت تُصرّ الفئة الأكثر استفادة من «صعود» الأزمة المالية، أي أصحاب المصارف وكبار المودعين، على عدم تقديم أي مساهمة لإخراج البلاد من محنتها الاقتصادية. ففيما تؤكد مصادر مصرفية أن مساهمة المصارف في خفض خدمة الدين العام عبر إقراض الدولة بفوائد منخفضة أمر «صعب للغاية، لأن أرباح المصارف ستنخفض بنهاية العام الجاري نحو 17 في المئة عما حققته العام الماضي، ولان أسعار الفوائد مرتفعة جداً»، أكّد حاكم مصرف لبنان أمس، في مقابلة مع قناة «او تي في»، أن أحداً لم يفاتحه بشأن مساهمة مصرف لبنان والمصارف في خفض كلفة الدين ، سواء عند البحث في موازنة 2019 او موازنة 2020. وهو ما يناقض ما أشاعه سابقاً مسؤولون حكوميون، داخل مجلس الوزراء وخارجه، عن اتفاق بين وزارة المال ومصرف لبنان على مساهمة القطاع المصرفي في خفض كلفة الدين العام.
أما أزمة الطلب على الدولار، فقالت مصادر مصرفية إن موجودات المصارف كما موجودات المصرف المركزي بالدولار كبيرة جداً. وإن مناخاً من انعدام الثقة يتسبب بلجوء الناس الى سحب كمية من الودائع والاموال بالعملات الصعبة من دون مبرر. ولفتت الى أن الإجراءات التي تتخذها بعض المصارف تهدف إلى تحديد سقف لعمليات سحب العملة أو التحويلات من خلال ماكينات الخدمة الخاصة او من خلال برامج الأونلاين، لكن ليس هناك أي قرار بتجميد التحويلات. والمشكلة مع التجار، في رأي المصادر، هي أنهم يطلبون عمليات مصرفية تفوق حاجتهم المعروفة. وأبدت المصادر شكوكاً في قيام بعض العاملين في حقل الصرافة باستغلال الناس للحصول على دولارات يتم سحبها من المصارف بالسعر الرسمي، ويصار الى بيعها في السوق السوداء بفارق يصِل الى نحو 60 ليرة لكل دولار.
وفي السياق عينه، قال سلامة في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصناعة وائل أبو فاعور إن «البنوك اللبنانية تلبي طلب العملاء على الدولار، مع إمكانية السحب من أجهزة الصراف الآلي في معظم البنوك». وأضاف أن «الدولار متوفر في لبنان والكلام الذي نراه في وسائل التواصل الإجتماعي وأحيانا الإعلام مضخم وله أهدافه»، لافتاً إلى أن «أي إجراءات خاصة بأجهزة الصرف الآلي ترجع لسياسة كل بنك على حدة». وأضاف إن عدم توافر الدولار في بعض الأماكن ربما تكون لوجستية، مشيراً إلى أن «لدى البنك المركزي احتياطيات تتجاوز 38.5 مليار دولار وهو حاضر في السوق ولا حاجة إلى إجراءات استثنائية».

«القوات» لا تريد سوى الخصخصة!
من جهة أخرى، استكمل مجلس الوزراء أمس بحث مشروع موازنة العام 2020، فقدّم وزراء القوات اللبنانية، ورقة سمّوها «خارطة الطريق للخطوات العملية الإصلاحية»، ضمّنتها إجراءات «ضرورية لإنقاذ البلد من الانهيار». وتتلاقى الورقة في نقاط عدة مع ورقة تكتل «لبنان القوي» التي قدّمها الوزير جبران باسيل الأسبوع الفائت، وخاصة في تحميل القطاع العام مسؤولية غالبية المصائب التي تواجه البلد. أما الخلاصة القواتية، فهي: خصخصة الدولة. إذ تدعو الورقة إلى تسريع أعمال اللجنة الوزارية المكلفة بمناقشة إصلاحات نظام التقاعد، وإقرار قانون الالتزام الضريبي. وإلغاء عقود التوظيف الموقّعة خلافاً لقانون سلسلة الرتب والرواتب. وتؤيد التيار الوطني الحر في إخضاع الشركات التي تزيد مبيعاتها على 50 مليون ليرة للضريبة على القيمة المضافة.
وتقدم الورقة اقتراحات «تسهم في تفعيل عمل الجمارك»، مع تأكيدها أولوية إقفال كل المعابر غير الشرعية. وتدعو إلى إقرار لائحة السلع المنتجة في لبنان بكميات كافية للسوق المحلي، مع فرض رسوم نوعية على السلع المنافسة لها. وتفرد مساحة خاصة للحديث عن ملف الطاقة، فتكرر مطالبتها بـتعيين مجلس إدارة لكهرباء لبنان، ومجلس إدارة للهيئة الناظمة للكهرباء، وهيئة جديدة لإدارة قطاع البترول. كما تدعو الجهات المعنية إلى تسديد مستحقات المخيمات الفلسطينية والنازحين السوريين لكهرباء لبنان. وتركّز على الإسراع في إجراءات بناء معامل الإنتاج، داعية إلى شراء المحروقات مباشرة من الدولة وعبر إدارة المناقصات.
تقرير الموفد الفرنسي الخاص بـ«سيدر» كان سلبياً جداً


في ملف الاتصالات، تكرر القوات أدبياتها: إطلاق عملية خصخصة شركتي الخلوي بمزايدة عالمية، والإسراع في إطلاق «ليبان تيلكوم»، وخصخصة أصول الأبراج في مواقع إرسال شركات الخلوي.
واستكمالاً لـ«الإنقاذ» القواتي، غير الممكن إلا عن طريق بيع مؤسسات الدولة وأصولها، تدعو الورقة إلى الشروع في خصخصة إدارة مرفأ بيروت وإطلاق برنامج للشراكة بين القطاعين الخاص والعام لإدارة عدد من المؤسسات العامة، منها: مصالح المياه، منشآت النفط، إهراءات القمح، وبورصة بيروت. كما تقترح إلغاء 14 مؤسسة عامة من أصل 94 موجودة حالياً، «لانتفاء جدواها»، من دون أن تنسى احتمال نقل مهامها إلى القطاع الخاص أو إلى الوزارات، ومنها المؤسسة العامة للإسكان، مجلس الجنوب، مصلحة السكك الحديدية، مؤسسة المحفوظات الوطنية، المكتب الوطني للدواء...
جلسة مجلس الوزراء أمس لم تشهد حصراً توزيع ورقة القوات اللبنانية، إذ تقرر، بناءً على اقتراح رئيس الحكومة، تشكيل لجنة وزارية برئاسته وعضوية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزراء: المالية، والشباب والرياضة، والصناعة، والاشغال العامة والنقل، والاقتصاد والتجارة، والعمل، والاتصالات ووزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا، لدرس الاصلاحات المالية والاقتصادية على المدى القصير والمتوسط والبعيد، ورفع التوصيات بخصوصها تباعاً الى مجلس الوزراء خلال مهلة شهرين.