يناقش مجلس الوزراء اليوم، مشروع قانون لوزارة المهجرين والصندوق المركزي للمهجرين، بالإضافة إلى مشروع قانون تحفيز المهجرين على العودة، المقدّمين من الوزير غسان عطالله.منذ عام 1993، كلّف ملفّ المهجّرين الدولة اللبنانية نحو 2900 مليار ليرة لبنانية، من ضمن موازنات الدولة ومن خارجها، ومع ذلك، لا يزال مئات الآلاف من المهجّرين بعيدين عن قراهم، وأكثر من 140 ألف ملف متراكم حين تسلّم عطالله الوزارة، من دون حلول في الأفق.
وعلى مدى السنوات الماضية، تحوّل ملف المهجّرين، كغيره من الملفّات، مشروعاً للاستغلال السياسي، خصوصاً في مواسم الانتخابات النيابية والبلدية. وقد خيضت معارك انتخابية كاملة في الجبل، عبر هذه الأموال التي كانت تدفع بالواسطة وبالمحسوبيات لعدد كبير من غير المستحقين، لكن مع استمرار الأزمة في القرى المتضررة، وانسلاخ كثيرين عن قراهم.
ليس هذا فحسب، إذ إن دور وزارة المهجّرين لم يكن فقط بدفع التعويضات المختلفة في القرى، إلّا أنها تحوّلت إلى باب للمشاريع والخدمات. فالأموال المخصّصة للتعويضات، صرف جزء كبير منها لحفر الآبار لأشخاص محددين في القرى، ولبناء حيطان الدعم والتزفيت، ليس تحت باب الإنماء والتطوير لدعم العودة، بل خلال المواسم الانتخابية.
خفّضت كلفة إغلاق الملف إلى أكثر من نصف المبلغ الذي طُلب نهاية 2017

وحين يُراجَع الرقم 2900 مليار ليرة (نحو 1100 مليار من الموازنات والباقي من خارجها) الذي صرف حتى الآن، والمقارنة مع النتائج، يُصعق أي عاقل بحجم الهدر، الذي يقدّره عطالله بالنصف على الأقل، أي إن «نحو 1500 مليار ليرة كان كافياً لحل الأزمة بأكلمها». حتى إن آخر رقم جرى الحديث عنه، كان الرقم الذي قدّمته وزارة المهجرين في الحكومة السابقة، والذي بلغ 1350 مليار ليرة لبنانية لإنهاء الملفّ، بينما حصر مشروع القانون المقدّم من عطالله المبلغ المطلوب، ليُغلَق الملفّ بـ 631 مليار ليرة.
الاقتراح الجديد جاء بعد دراسة الملفات المكدّسة منذ سنوات طويلة في الوزارة. وخلال الأشهر الماضية، تمكّن فريق عمل الوزارة من تصفية نحو 60 ألف ملفّ كان قد جرى التقدّم بها، لكن أصحابها من غير المستحقين، أو لا تنطبق عليهم المعايير التي حددها القانون، وبذلك انخفض رقم الملفات إلى ما بين 70 إلى 80 ألف يجري العمل على حسم الجزء الأخير منها خلال فترة زمنية قصيرة. الأمر الثاني، أن مشروع الوزير الجديد حدّد رقماً مالياً واضحاً لإنهاء الملف، بـ 631 مليار ليرة، «غير قابل للتعديل». وعلى ما يؤكّد عطالله، فإن البرنامج الذي يتضمنه المشروع، وفي حال التزامه من قبل الحكومة، يعني أن الوزارة ينتهي دورها في أقل من ثلاث سنوات، ويبقى الصندوق بعدها بقليل لاستكمال دفع المستحقات، وأنه «في نهاية العام المقبل، تكون الوزارة قد أنجزت نحو 80% من الملفات التي بحوزتها».

بحلول نهاية العام المقبل تكون الوزارة قد أنجزت 80% من الملفات


أما المتوقّع حول النقاشات اليوم بعد عرض الوزير مشروعه، فهو تأييد من قبل وزراء التيار الوطني الحرّ وحزب الله وحركة أمل بعد أن عبّر الرئيس نبيه برّي سابقاً عن تأييده له، والوزير يوسف فنيانوس. وبحسب المعلومات، فإن الرئيس سعد الحريري متحمّس له أيضاً، إلا أن العرقلة يتوقعها عطالله من قبل وزراء حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي. فعلى الرغم من الأجواء الإيجابية اليوم بين التيار والاشتراكي، إلّا أن مشروع قانون عطالله يضع الاشتراكي في دائرة الاتهام بالمماطلة والهدر الذي أصاب هذا الملف طوال السنوات الماضية، خصوصاً أن الوزارة بقيت في عهدة الاشتراكي سنوات طويلة. بينما لن يكون سهلاً على القوات تمرير مشروع من هذا النوع، ما دام يُسجّل إنجازاً للتيار الوطني الحرّ.