يبدو أنّ نهج قضم حرج بيروت، آخر المجالات العامة الخضراء في المدينة، مُستمرّ من قبل بلدية العاصمة، الجهة التي يُفترض أنها المؤتمنة عليه. هذا ما تُفيد به معلومات سرّبها عدد من المهندسين المعنيين في البلدية حول «توجّه جدي» لاستثمار جزء من العقار رقم 1925 التابع للحرج (من جهة شاتيلا) وتحويله الى مرآب لركن السيارات المحتجزة.وعليه، نفّذت حملة «ضاحيتي تفرز»، يوم الجمعة الماضي، وقفة احتجاجية ضدّ مسار التعدي المستمرّ على الحرج الذي يُشكل «رئة بيروت الوحيدة»، فيما يتجهّز عدد من ناشطي الحملة، غداً، للمباشرة بتشجير العقار كـ«مبادرة استباقية لارساء الدور الوظيفي للعقار بوصفه مساحة خضراء عامة مفتوحة للعموم»، وفق الناشطة في الحملة راضية حيدر.
الجزء المهدد حالياً سينضّم الى آلاف الأمتار التي سُلبت من الحرج


ومعلوم أنه سبق أن شيّد فوق هذا العقار مبنى تابع للمديرية العامة للأمن العام كان مقرراً إنشاؤه على عقار الحرج من جهة الطيونة، قبل أن ينقل الى الجهة الخلفية من الحرج بعد إعتراضات أثارها ناشطون. وعليه، فإن إنشاء المرآب يعني أنه سيتم إشغال هذا الجزء من الحرج كاملاً!
وكان محافظ المدينة القاضي زياد شبيب أجاز للمديرية العامة للأمن العام في 25 أيلول 2015 (القرار 2194) إشغال نحو 1500 متر من العقار 1925 لإستعماله كمركز للأمن العام. ووفق المدير التنفيذي لجمعية «نحن»، محمد أيوب، «تم نقل المبنى من جهة الى اخرى... ولكن كلاهما يشكلان جزءاً من العقار 1925 المُصنّف موقعاً طبيعياً ممنوع البناء عليه»، مُحمّلا المسؤولية الى شبيب الذي كان يدعو في الفترة الاخيرة الى إزالة التعدّيات على الملك العام «في حين أنه يقوم بشرعنة التعدي على الحرج».
وبالعودة الى الجزء المهدد حالياً من، فإنّه - إذا لم يتم تجميد مشروع تأجيره - سينضّم الى آلاف الأمتار التي سُلبت من الحرج واستبدلت بمشاريع ومراكز أخرى. يكفي التذكير بأن شارعاً واحداً يفصل بين مبنى الأمن العام الذي يتم تشييده حاليا والمبنيين التابعين لقوى الأمن الداخلي اللذين شُيدا خلافا للقانون عام 2008. إلى ذلك، فإنّ مبنى ما سّميّ بـ «المستشفى العسكري» لا يزال ينتصب على الموقف الخلفي للسيارات التابع للحرج شاهدا على مسار «التفريط» المُستمرّ بهذه الفسحة «اليتيمة» الخضراء في مدينة يأكلها الإسمنت.