وتؤكّد مصادر بلدية أن رئيس البلدية هو من أصرّ على أن تعدّ البلدية (لا الهيئة) دفتر الشروط، ومرّر القرار في جدول أعمال المجلس متخطّياً توصية هيئة التشريع، وضارباً بعرض الحائط مطالعة شبيب القانونية التي تمكن من خلالها من اثبات صلاحية البلدية لتنظيم النقل المشترك ومحاضر الضبط والمخالفات من دون العودة الى الهيئة. كما أفشل مساعي الهيئة لتحميل البلدية تكاليف تشغيل وصيانة غرفة التحكم المروري وتشغيل وصيانة اللوحات الارشادية من نهر الكلب الى المطار، فيما تنص الاتفاقية على صيانة وتشغيل الاشارات الضوئية فقط. وقد دفعت هذه المطالعة هيئة التشريع الى الزام ادارة السير بالتقيد التام بأحكام العقد بينها وبين البلدية، وفصل رصيد حساب العدادات عن حساب ادارة السير المفتوح لدى مصرف لبنان، وتعيين مندوب عن البلدية لمتابعة تنفيذ العقد. علماً أن الهيئة تحظى وفقاً لأحكام المادة 56 من المرسوم رقم 4082 (وزارة الداخلية والبلديات) بتمويل خاص يفترض أن يسدد تكاليفها. الا أنها تحتفظ بكل العائدات وتنفقها.
إلى ذلك، يثير قرار المجلس البلدي تكليف استشاري بتركيب عدادات جديدة وتشغيلها تساؤلات كثيرة. إذ أن العدّدات الحالية (وهي ملك للبلدية) لا تزال في حال جيدة، فهل وراء تركيب عدّادات جديدة والاصرار على وضع البلدية دفتر الشروط بنفسها محاولة لتفصيل دفتر شروط على مقاس مستثمر معين؟ عيتاني لم يرد على اتصالات «الأخبار» لسؤاله عن الموضوع، فيما برّر بعض الأعضاء تكليف استشاري بأن «المجلس أرسل طلبا للهيئة بإعداد دفتر شروط منذ 6 أشهر من دون أن يلقى أي رد».
خالف عيتاني رأي هيئة التشريع والاستشارات الذي وفّر له مخرجاً قانونياً لفسخ العقد
من جهتها، تنفي مصادر هيئة ادارة السير تلقيها أي طلب في هذا الشأن». وأكّدت «الاستعداد الكامل لتزويد البلدية بدفتر شروط»، وأنها غير متمسكة بالمشروع الا لتغذية مصاريف اشارات السير الضوئية في ظل عدم امكانية زيادة الموازنة». ونبّهت الى أن قرار البلدية بفسخ العقد يهدد بوقف العمل بكل اشارات السير في بيروت وفي غرفة التحكم المروري وبتضييع أموال قرض البنك الدولي ضمن مشروع «تطوير النقل الحضري لبيروت الكبرى» الذي نفذه مجلس الانماء والاعمار. وأكدت أن «الايرادات الشهرية تتراوح بين 9 ملايين دولار و12 مليوناً يذهب نحو 50% إلى 60% منها لتسديد رواتب 100 موظف من ضمنهم موظفو الشركة الخاصة المكلفة ادارة العدادات، وتذهب الأربعة مليارات ليرة المتبقية لتغطية نفقات غرفة التحكم المروري وكاميرات المراقبة واللوحات الارشادية، علماً أن وزارة المال لا تغطي أياً من نفقات الهيئة».
وفق مصادر مطلعة فإن للخلاف القانوني على «الباركميتر» وتوقيته تفسيراً سياسياً. وسألت عن سبب استفاقة بلدية بيروت اليوم، إذ «لطالما كانت هيئة ادارة السير دجاجة تبيض ذهبا، واستفاد منها تيار المستقبل منذ أن انتقلت ادارتها عام 2014 الى هدى سلوم المحسوبة على التيار ونسيبة أحد نوابه». ولفتت الى أنه مع اقتراب التعيينات الادارية، فإن المؤكد أن هذا المنصب سيذهب الى التيار الوطني الحر. لذا قرر تيار المستقبل، عبر البلدية، استباق الأمر باستعادة العدادات الى كنف البلدية.