تخطت لجنة المال أمس قطوع تعديل المواد الـ28 المعلقة في مشروع قانون الموازنة. وكانت خلاصة العمل التي عبّر عنها أكثر من طرف: «الموازنة تخرج من لجنة المال أفضل بكثير مما دخلتها». فقد بدا العمل الذي أنجز في اللجنة تصويباً لشطحات الحكومة، التي غامرت في المبالغة في فرض الضرائب والرسوم من دون دراسة تأثيرها الاجتماعي، ومن دون أن تبادر، في المقابل، إلى تقليص اعتمادات المحميات المالية. أما المصارف، فأبقتها بدورها مُعفاة من أي مساهمة فعلية في تخفيض العجز. كل ذلك لم يعنِ رئيس الحكومة الذي اعتبر أن ما أنجزته الحكومة في الموازنة من النوع الذي لا يمس، وخاصة ما يتعلق بمستوى العجز الذي خفّضته إلى نحو سبعة آلاف مليار ليرة، بما يعادل 7.59 في المئة من الناتج المحلي. وهو إذ أبدى قلقه من أن تُسهم «مسرحية لجنة المال» في زيادة هذا العجز، كانت المفاجأة أمس بتخفيضها لهذه النسبة. إذ أعلن كنعان أن العجز صار أقل من سبعة في المئة، بعدما نجحت اللجنة في تخفيض النفقات بنحو 500 مليار ليرة، من دون أن تمسّ جوهر الموازنة. ذلك يفترض أن يكون خبراً ساراً للحريري الحريص على تخفيض العجز. وهو ما يُتوقع أن لا يحصل، لأن التخفيض لم يكن على حساب الموظفين والقطاع العام فقط كما كان يأمل، بل على حساب المحميات المالية، وأغلبها مرتبط برئاسة الحكومة، أيضاً. إذ طاول التخفيض موازنة عدد من الهيئات والمجالس، منها المجلس الأعلى للخصخصة، الذي خُفضت موازنته من 14 ملياراً إلى مليار ليرة. في الأساس، لم يعرف أحد لماذا رفعت موازنة المجلس 10 مليارات ليرة، بالرغم من أن منصب المدير العام لا يزال شاغراً.ومسألة انقضاء أكثر من نصف السنة لم تكن أمراً أخذته الحكومة بالاعتبار، لذلك خفضت اللجنة أيضاً موازنة الهيئة العليا للإغاثة من 20 ملياراً إلى 10 مليارات. والأمر نفسه حصل مع موازنة مجلس الإنماء والإعمار ، التي أسقط منها نحو 175 مليار ليرة (من أصل 450 ملياراً)، كانت قد حددت كبدل استملاكات لمشاريع ممولة من الخارج، بالرغم من أن هذا التمويل غير مؤمن، ما يعني عدم الحاجة حالياً لأي استملاكات. أوجيرو بدورها خُفضت موازنتها 134 مليار ليرة بدل تجهيزات، بموافقة إدارتها، كذلك خُفّضت حصة عام 2019 من قانون البرنامج المتعلق بمشروع الألياف الضوئية من 75 مليار ليرة إلى 25 ملياراً، خاصة أن البطء في تنفيذ المشروع أدى إلى عدم صرف حصة عام 2018 كاملة. كذلك، طاول التخفيض البنود الاستشارية في معظم الوزارات.
في مواد القانون، كما كان متوقعاً، فُرض رسم نوعي على عدد من السلع المستوردة، حُدد بما بين 2 و7 في المئة، على أن يطاول سلعاً كمالية أو تلك التي تملك بديلاً لبناني المنشأ، علماً أنه ينتظر من وزراء المالية والصناعة والاقتصاد، أن يرسلوا إلى اللجنة جدولاً بهذه السلع نهار الجمعة كحد أقصى.
ضريبة دخل تصاعدية على المتقاعدين في القوى العسكرية


وإذا كانت المواد المرتبطة بالعسكر الأكثر حساسية، فقد عمدت اللجنة إلى إقرارها، بعد تعديل أرقامها. وبالرغم من أن مبدأ إخضاع معاشات التقاعد كان مرفوضاً من حيث المبدأ، انطلاقاً من أن هذه المعاشات لا تصنف دخلاً، بل تعويضات كان دفع العسكري الضريبة عليها، إلا أن خلاصة ما أقرته اللجنة كان على النحو الآتي:
- إخضاع العسكريين في الخدمة لضريبة طبابة بنسبة 1.5 في المئة بدلاً من 3 في المئة.
- استثناء أصحاب الرتب العالية (عقيد وما فوق) من قرار تجميد التسريح لمدة ثلاث سنوات، انطلاقاً من وجود تخمة في هذه الرتب، أضف إلى أن تأخير تسريحها سيزيد التعويضات بشكل كبير.
- إخضاع المتقاعدين لضريبة دخل تصاعدية، قدرت اللجنة قيمتها الشهرية على النحو الآتي: جندي أول لا شيء، مؤهل أول 1400 ليرة، ملازم أول 3900 ليرة، مقدم 12750 ليرة، عميد 51 ألف ليرة، لواء 101 ألف ليرة، عماد 162 ألف ليرة.
وفيما ينتظر ردّ فعل العكسريين المتقاعدين على هذه المواد، وكذلك ردّ فعل الحريري على كشف اللجنة لمحمياته، يتوقع أن تعمد اللجنة إلى إعداد تقريرها وإرساله إلى رئاسة المجلس مع نهاية الأسبوع، على أن تحدد الجلسة العامة الأسبوع المقبل. وهناك سيتضح ما إذا كان الحريري قد صرف النظر عن سعيه إلى الالتفاف على تعديلات اللجنة، أو أنه سلّم بضرورة أن تكون محمياته جزءاً من المساهمين في تخفيض العجز.