كادَت التسوية الرئاسية التي يُمثّل رئيسا الجمهورية والحكومة ركيزة أساسية فيها أن تنهار تحتَ وطأة التصريحات النارية المتبادلة بين فريقيهما. ففي الأيام الماضية، لم يتوقف التحريض الطائفي والفئوي والذي خلق موجة استياء عارمة في الشارع، لا سيما عند جمهور تيار المستقبل الذي اعتبر أن التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل يحرّضان على رئاسة الحكومة وقيادة الأمن الداخلي وفرع المعلومات. وقد زاد من الاستياء، الضعف في الرد على هذه «الحملة» وعدم إطلاق الرئيس سعد الحريري أي موقف رسمي، مكتفياً بتصريحات الأمين العام للتيار أحمد الحريري ووزيرة الداخلية ريا الحسن التي صدر عن وزارتها بيان مفصّل تدعو فيه باسيل الى «عدم التدخل في شؤون الوزارات الأخرى، والاكتفاء بدوره في وزارته»، مدافعة عن اللواء عماد عثمان بوجه اتهامات باسيل له، قبلَ أن يتوّج تلفزيون «المستقبل» الردّ بمقدمة إخبارية اعتبرت أن «باسيل أصبح عبئاً على العهد».وفيما يمضي الحريري إجازة عيد الفطر مع عائلته في الخارج، علمت «الأخبار» أن الخبر الذي نشرته أمس، عن اتصال رئيس الحكومة بباسيل والدعوة الى التهدئة، أثار موجة غضب عارمة لدى القاعدة الشعبية للحريري، وارتباكاً لدى الكوادر الذين طلبوا من كل المستقبليين الذين عمّموا الخبر ضرورة سحبه فوراً. وفيما طالب هؤلاء بنفي الخبر بشكل رسمي، اكتفى التيار بتعميم منقول عن مصدر قيادي في «المستقبل» يقول إن «ما نشر غير صحيح، لكن ذلك لا يعني أن الأمور ذاهبة نحو التصعيد»، ففُهم من ذلك كأنه محاولة لامتصاص النقمة عند القاعدة الشعبية على أداء الحريري.
وكانت لافتة مسارعة رؤساء الحكومات السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، إلى عقد اجتماع في منزل الأخير يومَ أمس. واللافت أكثر كان البيان الذي صدر عن المجتمعين، إذ ظهر كأنه يستهدف الحريري كما باسيل، فغاب ذكر رئيس الحكومة بالاسم أو الدفاع عنه، مكتفياً بالدفاع عن موقع الرئاسة الثالثة. مصادر مطلعة على اللقاء قالت لـ«الأخبار» إن «السنيورة هو من دعا الى الاجتماع، وأن البيان الذي خرج عن المجتمعين كان الهدف منه تصويب السجال، والقول بأن للتسوية الرئاسية أدابها التي لا يجوز الخروج عنها»، مؤكدة أن «ميقاتي والسنيورة وسلام يحاولون شدّ أزر الحريري». وتحت عنوان «العيش المشترك والدستور»، توقف المجتمعون «عند بعض المواقف السياسية والممارسات المستهجنة التي أطلقها وقام بها بعض الوزراء والسياسيين، والتي تتقصد فتح سجالات وملفات خلافية، ليس من المفيد العودة إلى فتحها وإثارتها، وقد جرى حسمها في اتفاق الطائف وفي الدستور اللبناني، ولما تعنيه إثارتها من جديد من انعكاسات خطيرة على الوفاق الوطني والسلم الأهلي».