بعد أربعة أسابيع على الاعتكاف الثالث الذي ينفّذه الجسم القضائي «مكرهاً» كما يقول، بادر «نادي قضاة لبنان» إلى إيضاح أسباب هذا الاعتكاف في ندوة علنيّة عقدها أمس، بعنوان «استقلالية السلطة القضائية: تحديات وحلول»، في مبنى نقابة الصحافة. المنظّمون قالوا «إن الندوة هي الأولى من نوعها منذ خمسين عاماً»، وتأتي بعد عام على تأسيس نادي القضاة (نيسان 2018)، بالرغم من معارضة السلطة السياسية له وأهل البيت الواحد. الإعلان عن الاعتكاف الأخير صوناً لاستقلاليّة القضاء وما رتّبه من تأخير في المحاكمات، ردّت عليه رئيسة النادي القاضية أماني سلامة في كلمتها بـ«الاعتذار من الشعب اللبناني»، معقّبة «نعتذر لأننا تأخّرنا في تحقيق استقلاليتنا».إلى «وضع قصور العدل وافتقادها الحد الأدنى من شروط العمل»، أعادت سلامة التذكير بـ«اعتكاف القضاة عام 1982 الذي أدّى إلى إنشاء صندوق تعاضد القضاة»، وكذلك باعتكاف «عامي 2017 - 2018 الذي أدّى إلى إنشاء نادي قضاة لبنان ورفع رئيس مجلس القضاء الأعلى (القاضي جان فهد) كتاباً إلى وزير العدل السابق (سليم جريصاتي)، ومما جاء فيه «لا رئيس مباشر أو غير مباشر للقاضي كي يخضع له أو ينفّذ تعليماته أو أوامره...». عند هذه العبارة، علا تصفيق الحاضرين من قضاة وجمعيات وناشطين، فيما برز بين الحضور السياسي النائب شامل روكز. التصفيق تكرّر أكثر من مرة في حماسة واضحة من الحاضرين تجاه كلمة «استقلالية القاضي أو القضاء» موضوع الندوة، بالرغم من اختلاف المشهد خارجاً.
مشروع الموازنة الحالي «يخالف المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي» وفق سلامة، و«يقتطع 10 بالمئة من مساهمة الدولة في صندوق تعاضد القضاة، و5 بالمئة من واردات تطبيق قانون السير... والقانون يمنح القضاء 0.47 من موازنة الدولة، في حين أنه الجهة التي تؤمن ثالث مدخول لها». كما أعادت سلامة التذكير بمطالب القضاة حيال «وضع مهلة زمنية محدّدة للسلطة التشريعية لإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، رفع السرية المصرفية وإطلاق يد القضاء في ملاحقة الفاسدين، استثناء القضاة من مشروع الموازنة الراهن بموجب نص صريح، وعدم التعرّض لصندوق تعاضد القضاة انسجاماً مع استشارة هيئة التشريع والاستشارات (صادرة عام 2005)». تحقيق هذه المطالب اعتبرته سلامة شرطاً لـ«توقّف القضاء عن الاعتذار»!
المحامي جاد طمعة ألقى كلمة نقيب المحامين السابق عصام كرم (الذي تغيّب بسبب تعرّضه لحادث)، وشدّد فيها على عبارة كرم «ثلاثة يجب ألا يخطئوا: المعجم والطبيب والقاضي لأن خطأ الأخير يصبح اجتهاداً... وتحقيق استقلالية القاضي يؤدي إلى تفاديه الأخطاء». القاضي المتقاعد منيف حمدان أعلن بدوره «تأييدي الكامل للحركة التي قام بها نادي قضاة لبنان». جمعيّة «كلنا إرادة» الداعمة للنادي، أبدت في كلمتها «القلق من تخصيص مؤتمر سيدر لتحسين البنى التحتية وبحث السلطة عن رضى المجتمع الدولي بدل إجراء الإصلاحات الحقيقية». أما المدير التنفيذي لـ«المفكرة القانونية» المحامي نزار صاغية، فاعتبر أن التحرّك الأخير هو «نقطة تحوّل في أدوات دفاع القضاة عن حقوقهم»، مذكّراً ببيان نادي القضاة (8 أيار) الذي دعا الشعب إلى مساندة القضاء. كذلك أشار إلى «وعد» النائب جورج عدوان بوضع مطالب القضاة على جدول لجنة الإدارة والعدل النيابية.