يقدّر عدد المُقيمين اللبنانيين في الضاحية الجنوبية لبيروت بنحو 700 ألف، وعدد النازحين واللاجئين المقيمين فيها بنحو 250 ألفاً. هؤلاء يتوزعون على 120 ألف وحدة سكنية فضلا عن وجود نحو 20 ألف محل تجاري. رغم ذلك، لا يتجاوز عدد الاشتراكات في مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان الـ40 ألفاً! ووفق رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام، تحتاج هذه المنطقة، يومياً، إلى أكثر من 180 ألف متر مكعب من المياه، أما ما تحصل عليه من مصادر شركة المياه الأساسية فلا يتعدى 45 ألف متر مكعب شتاء، و20 ألف متر مكعب فقط صيفاً! والأسوأ، أن نحو 20% من هذه الكميات تُحسم من حصة الضاحية بسبب تقنين الكهرباء، فيما يُهدر 14% منها «بسبب اهتراء القساطل»، ما «يستدعي مع بداية فصل الصيف، إعلان حالة طوارئ مائية - بيئية». هذه الأرقام استعرضها ضرغام، أول من أمس، في ورشة عمل «واقع المياه في الضاحية الجنوبية - المشاكل والحلول» التي دعا إليها النائب فادي علامة، في فندق «لانكستر» في الحازمية.
ولعلّ أزمة المياه في الضاحية، كما في غيرها من المناطق، تختصر في مسألتين: الشحّ والتلوّث. وفق علامة، مصادر المياه في الضاحية الجنوبية ثلاثة هي: مياه الدولة، الآبار، والصهاريج، لافتا الى أن «مياه الدولة قد لا تكفي أكثر من 30% من حاجة أهل المنطقة للمياه، ما دفع بهم للجوء الى حفر الآبار، وفي حالات كثيرة إلى شراء المياه عبر الصهاريج والمؤسسات التي تُكرّر المياه».
الجدير ذكره أن الفوضى التي حكمت إدارة ملف حفر الآبار في لبنان عموما شكّلت العامل الأساس في تفاقم أزمة نوعية مياه الشفة. وكانت دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشفت قبل سبع سنوات وجود أكثر من 20 الف بئر مرخّصة ونحو 60 ألفاً من دون ترخيص، فيما تُشير التقديرات الحالية إلى تضاعف هذه الأرقام.
مدير مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران رأى أن هذه «الآبار غير الشرعية من أكبر المشاكل التي يعاني منها قطاع المياه. وإذ أقرّ بوجود هدر في الشبكات يستوجب القيام بأعمال صيانة، أشار الى عمليات سرقة للمياه، «فمثلا، تستفيد منطقة حي السلم من 7500 متر مكعب من مياه المؤسسة في حين أن أعداد الإشتراكات قليلة جدا في المقابل، فضلا عن أن نحو 85% من عيارات المياه تبقى مفتوحة ما يسبب انقطاعا في المياه». ينطلق جبران من هذه النقطة ليُشير الى ان المؤسسة تعتمد على اشتراكات المواطنين، وبالتالي فإن اعمال الصيانات وإصلاحات الشبكات تحتاج الى التشدد في مسألة الجباية والرقابة.
ضرغام وجبران توافقا على ضرورة القيام بحملة ضبط للمخالفات في الضاحية. إلا أن الحديث عن إزالة المخالفات وتحديث الشبكات في المرحلة الحالية يأتي في سياق المرحلة التي تسبق مرحلة السدود وإنجاز مشروع المنظومة المائية المتكاملة لنقل مياه الليطاني الى بيروت والمتوقع الانتهاء منها عام 2022.
ضرغام شدّد على «التعويل» على مشروع سدّ بسري الذي «من المفترض أن يؤمن سنويا 120 مليون متر مكعب من المياه لمصلحة المنطقة الممتدة من ساحل اقليم الخروب الى مرتفعات المتن مرورا بالضاحية الجنوبية وبيروت الإدارية». وهذا ما استفزّ عدداً من الناشطين المناهضين للمشروع. فيما كانت لافتة دعوة المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية الى «التركيز على معالجة الصرف الصحي وتطبيق القوانين قبل الحديث عن جر مياه الليطاني وغيرها»، لافتا الى «ضرورة محاربة التلوّث قبل نقاش السدود».