في 15 كانون الأول تماماً يبدأ حفر البئر الاستكشافية في البلوك رقم 4 (المواجه لجبيل والبترون). حتى ذلك الحين، يعمل تحالف شركات «توتال» و«إيني» و«نوفاتيك» بالتعاون مع هيئة إدارة النفط على الاستحصال على التراخيص والأذونات اللازمة، كما يتم إنجاز دراسات الأثر البيئي والتشاور مع البلديات ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى الجيش وإدارة مرفأ بيروت بشأن الأعمال التي ستنجز، وتقليل الأضرار التي يمكن أن تنشأ عنها. فعلى سبيل المثال، يفترض أن تحوز المواد الكيميائية أو المتفجرات التي يمكن أن تستعمل في الحفر على تراخيص بيئية وعسكرية. كما يُفترض أن يُصار إلى الاتفاق على آلية دخول معدات الحفر إلى مرفأ بيروت، نقطة الانطلاق لكل الأعمال.
المساحة المختلف عليها مع سوريا تبلغ مساحتها 900 كلم مربع (مروان طحطح)

بحسب الخطة، ستنتهي عملية الاستكشاف في غضون 55 الى 60 يوماً. أي بعد شهرين ستملك الشركات البيانات التي تكشف وجود كميات تجارية من الغاز أم لا. لكن هذه النتيجة لتكون علمية ونهائية، يحتاج التحالف إلى نحو شهرين إضافيين لإجراء الدراسات والتحاليل الضرورية.
بعد الانتهاء من هذه المرحلة يُفترض أن تنتقل الحفّارة إلى البلوك رقم 9 للبدء بحفر البئر الاستكشافية هناك. أي أن الحفر في البلوك الحدودي لن يبدأ قبل آذار، وهو ما يتناسب عملياً مع تراتبية الإجراءات التي سبق أن حددت في العقد، انطلاقاً من أن البئر الأولى ستكون مقياساً لمعرفة طبيعة التربة وطبقات الأرض (الحفر على عمق 1500 متر تحت الماء وبعمق 1800 متر في باطن الأرض).
ورغم أن تأخير بدء الحفر في البلوك رقم 9 تقني، إلا أن ثمة من لا يستبعد عدم حماسة الشركات للعمل على الحدود، ربطا بالنزاع مع العدو الإسرائيلي، كعامل إضافي يساهم في التأخير، رغم أن مكان الحفر المقرر سيكون على مقربة من الحدود الشمالية للبلوك، أي خارج المنطقة اللبنانية التي تدّعي إسرائيل ملكيتها. مع ذلك، فإن قلة الحماسة هذه لم تصل إلى حد الإعلان عن الرغبة بالانسحاب من ذلك البلوك. وعملياً، وبحسب العقد الموقع مع التحالف، فإن عليه أن يحفر البئر الاستكشافية خلال ثلاث سنوات من تاريخ توقيع العقد، أي من أيار 2018، وفي حال لم يفعل ذلك، فعليه أن يدفع بندا جزائياً بقيمة 40 مليون دولار.
على ما تشير مجريات الأمور، فإن شيئاً من هذا لن يحصل، ويفترض هذه المرة أن يصار إلى الالتزام بالتاريخ المعلن لبدء الحفر. علماً أن ثمة من يؤكد أن الحركة الأميركية لإعادة طرح ملف «المنطقة المتنازع عليها» يمكن أن يكون مقترناً بقرب البدء بالحفر في البلوك الحدودي، وبالتالي ضرورة إنجاز الاتفاق الحدودي قبل ذلك.
ثلاث شركات أبدت اهتمامها بدورة التراخيص الثانية: لوك أويل وبتروناس وبريتش بتروليوم


كذلك، فإن تحريك عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9 (حتى قبل أن تبدأ فعلياً)، سيساهم في تعزيز إمكانية نجاح الدورة الثانية من التراخيص، ولاسيما أنها تضم بلوكين حدوديين جنوبيين (8 و10). ورغم أن شهية الشركات مفتوحة على البلوك رقم 5، الذي تشير الدراسات إلى احتوائه على كميات كبيرة من الغاز، إلا أن البلوكات التي فتحت في الحدود الشمالية (1 و2)، تملك ميزات تفاضلية أيضاً (خاصة البلوك الساحلي رقم 2) أبرزها الأعماق المنخفضة التي يسهل التنقيب فيها. لكن، كما في الجنوب كذلك في الشمال، فإن المساحة المختلف عليها مع سوريا تبلغ مساحتها 900 كلم مربع، وهذه تستوجب التواصل مع دمشق للاتفاق على الترسيم النهائي للحدود البحرية. وفي هذا الصدد تتم الإشارة إلى دور روسي متوقع، يتعلق أساساً بالوجود الروسي في سوريا وبرغبة موسكو في تثبيت حضورها في القطاع في لبنان، والذي يتجلى عبر:
- انضمام شركة «نوفاتيك» إلى التحالف الذي فاز في دورة التراخيص الأولى.
- توقيع العقد مع شركة «روزنفت» لإعادة تأهيل الخزانات في مصفاة طرابلس.
- الاهتمام الروسي بدورة التراخيص الثانية، والذي برز من خلال طلب شركة «لوك أويل» الروسية للدراسات الجيولوجية والسيميائية التي أجريت على البحر من «غرفة الداتا» المتاحة للشركات المهتمة. وحتى اليوم، إضافة إلى الشركة الروسية، أبدت شركة «بتروناس» الماليزية اهتمامها بالحصول على المعلومات نفسها، وكذلك شركة «بريتيش بتروليوم» البريطانية.
الوقت لا يزال متاحاً أمام الشركات الراغبة في المشاركة في دورة التراخيص الثانية، حيث يُقفل باب قبول الطلبات في نهاية كانون الثاني 2020. وهذا التاريخ قد حدد بعناية، لكي يسبق انتهاء التحالف الحالي من حفر البئر الاستكشافية. علماً أن هذه النقطة كانت مدار نقاش مستفيض على مدى أشهر: هل يتم تأجيل الدورة الثانية إلى حين إنجاز البئر الاستكشافية، بحيث يتم تحسين الشروط من بعدها، أم يصار إلى استباقها، تفادياً لاحتمال عدم إيجاد كميات تجارية، فكان القرار باستباق نتائج الاستكشاف. ولم تكتف وزارة الطاقة وهيئة إدارة البترول بذلك، بل عمدت إلى دمج مرحلتي التأهيل والمناقصة. حيث تقدّم الشركات طلب التأهيل والعرضين التقني والمالي معاً، فيفتح أولاً ملف التأهيل للشركات كلها، ثم يصار إلى فتح العرضين المالي والتقني للشركات المؤهلة. ويهدف هذا الإجراء إلى المحافظة على عنصر الغموض، فلا يتاح للشركات معرفة أسماء المتأهلين أولاً ثم التنافس في ما بينها.