تصريح وزير الدفاع اللبناني، الياس أبو صعب، خلال جولته الأخيرة على الحدود مع فلسطين المحتلة، جاء لافتاً واستثنائياً. ولولا ورود اسم إسرائيل في التصريح، لكان الظن أنه تصريح صادر عن وزير إسرائيلي يهدّد فيه لبنان، كما هي العادة المتبعة. برز في تصريح أبو صعب، كلام غريب عن الأذن الإسرائيلية، وتحديداً ما يتعلق بالشدة والحزم والثقة بالقدرة الذاتية والندية، والحرص على إفهام العدو أن لبنان قادر على الإيذاء بالمثل، إذا قررت الاعتداء عليه.في إعادة نشر كلام أبو صعب فائدة، أساسها إفهام إسرائيل أن مظلة الردع التي باتت في لبنان، يجري التعامل معها من المسؤولين اللبنانيين على أنها ذخر وطني يحمي لبنان واللبنانيين ومصالحهم. وهذه النتيجة تُعدّ، من ناحية إسرائيل، تظهيراً لفشل سياستها (مع الولايات المتحدة وأتباعهما)، الرامية إلى الفصل بين المقاومة ولبنان الدولة وعامة الجمهور اللبناني، كما كان الفشل أيضاً في سياسة الفصل بين المقاومة وبيئتها الحاضنة المباشرة: «إذا هاجمت إسرائيل مطاراتنا فسنهاجم مطاراتها، وإذا هاجمت منشآتنا النفطية، فسنهاجم منشآتها النفطية».
الزيارة، وما ورد فيها، كانت محل اهتمام إسرائيلي بالغ، جرى التعبير عنه في المواقف والتصريحات والتعليقات العبرية، ومن بينها مقابلة أجرتها الإذاعة العبرية مع ضابط احتياط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، يُدعى كوبي ميروم. الضابط الذي شغل في قيادة المنطقة الشمالية مسؤوليات عدة؛ من بينها الأمن على الحدود مع لبنان، والذي تسرّح من الجيش الإسرائيلي عام 2000، هو أحد أهم الباحثين والخبراء في معهد هرتسيليا متعدد المجالات، بصفة خبيراً في المنطقة الشمالية وتهديداتها.
يسأله محاوره: «أريد أن أسأل عن تصريح وزير الدفاع اللبناني، الذي قال إن إسرائيل مرتدعة أمام لبنان، ولهذا السبب لن تندلع الحرب، وهو يريد أن يقول لنا عملياً: لتجلس إسرائيل صامتة، فنحن من يسيطر على الوضع».
يجيب الضابط الإسرائيلي: «وزير الدفاع اللبناني لم يخطئ. للأسف، خلال السنوات الأخيرة، ونتيجة للقدرات الهائلة التي باتت في حوزة حزب الله، أي قرابة ما يصل الى 150 ألف صاروخ، فالردع متبادل بيننا وبينهم، وهو ما حال دون هجمات إسرائيلية في لبنان».
وهذا الوضع (الردع المتبادل)، يضيف ميروم، «يُعَدّ من التحديات الكبرى الماثلة أمام إسرائيل، لأن ما حدث وتَشكَّل هو تهديد هائل ليس بإمكان الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن تتحمله. إنه خطر كبير جداً قادم من الشمال، وهو ما يجب على الشعب الإسرائيلي أن يدركه ويتنبّه له».